02-08-2017 08:18 AM
بقلم :
في إجازة هروب قصيرة من إزعاج الاطفال- ضحايا الحوادث الزوجية- وبعد حوار مع شقيقاتي عن الأزواج الذين يطيلون السفر أو السهر أو الخروج من المنزل لفترات طويلة، حتى أن بعضهم يسافر إلى الباكستان مدعي أنه يدعو لله وأن خروجه في سبيله، قلت لهن: هو الجهاد في سبيل الابقاء على العلاقة الزوجية ليس إلا، يغيب عن نصفه الذي وضعه القدر في طريقه ليحافظ على نصف ذاته خارجة عن قيود الحياة الزوجية .
تلك هي الحقيقة التي نعرفها ونعيها ونحاول قدر الإمكان تجميلها، والزوجة في كثر من الأحيان تعبر عن حالة هروب الزوج بحالة اشتياق وفقدان وانتظار لحظة اللقاء، تلك "المهروب منها" قد تعي في قرارة نفسها أن لا مشاعر ولا اشتياق ولا لوعة تجمع كليهما، لكنها تهرب بطريقة أخرى أيضا، الهروب الى تزييف الواقع وإيجاد واقع وهمي جميل ولو على أنظار من حولها.
تكثر صور الهروب وتتنوع، وليس بخفي على أحد أن نسب الطلاق في مجتمعنا متقدمة جدا ومتقدمة لدى حديثي الزواج هؤلاء الذين ربما حظيوا بقيم ومعايير اجتماعية أقل جلدا وأقل اهتماما بقضية استدامة الزواج حتى وإن لم يكن بصالح الطرفين، هؤلاء أكثر تصالحا مع ذواتهم برغم سلبية الظاهرة كظاهرة اجتماعية لأنهم غير مكرهين على الأقل لمواصلة حياة سيكون نصفها صمت والنصف الآخر هروب فيما لو استمرت
أما أولئك الذي أمضوا ربع قرن أو نصف قرن أو ممن تجازوا السنوات السبع الأولى التي تليها مرحلة الضجر والاعتياد وتتكشف فيها نقاط انعدام التلاقي الروحي فيشعر كل منهما وكأنه من كوكب آخر فهم الهاربون دوما، وليس للهروب صورة أو قالب معين، وقد يكون توثيق العلاقات الاجتماعية والسهر معا خارج المنزل أحدها ، إذ يشعر كل منهما أنه في محيط خارج عن دائرة اعتقال الأرواح بشكل ثنائي.
الهروب في سبيل الإبقاء على الحياة الزوجية وإن كان متاحا بصورته العملية للزوج أكثر من الزوجة إلا أنه موجود لدى النساء أيضا وتتنوع صوره وأساليبه وحيله الواعية واللاواعية، غير أن أكثر ما يؤرق المرأة هو شعورها بأن نصفها القدري دائم الهروب، وهي وإن أوجدت له ألف عذر إلا أنها في قرارة نفسها تعرف أن هذا الهروب هو السبيل للحفاظ على استمرار العلاقة الزوجية ويبعد خطر التهديد بالانفصال لأن تبعاته كلما تقدم الزواج بالعمر تصبح أكثر صعوبة.
هي وهو لأي سبب ارتبطا برباط نسميه مقدسا اجتماعيا ، وهي وهو فقط يدركان أنهما يواصلان هذا الرباط بكل ما أوتيا من جهد حتى أنه يصل لمرحلة جهاد البقاء
لست أدري ولا أرغب في وضع حلول، فالقضية أكبر من محاولة العودة الى اسبابها وتداركها، لكنها وعلى الرغم مما تتسبب به من تهتك للروح إلا أنها تؤدي وظيفة اجتماعية وتبقي على الأسرة وتجنب الأبناء تبعات الطلاق ...وإلى المؤرقين بحالة بقاء قسرا أقول: فروا بفي سبيل الابقاء على الحياة الزوجية فذلك وإن لم يرمم ندوب الأرواح قد يقيكم ليس فقط تبعات الانفصال وإنما اشتباكات من الممكن أن يكون ضحاياها من أنجبوا على حين حادثة زوجية.