05-06-2017 02:09 PM
بقلم :
في الوقت الذي ندرك فيه صعوبة وضعنا الاقتصادي ، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالقول، ان بعض الدول العربية اوقفت مساعداتها الاقتصادية للاردن ،وهذا امر مؤسف حقا اذا صحت هذه الرواية ، وذكرت هذه المواقع ، اسبابا لم تعجبني ولا اود الخوض فيها ، ومهما كانت تلك الاسباب ، فان المواطن الاردني ، لا يقبل بتاتا ان ينزلق الاردن في مواجهات عسكرية غير محسوبة ، وما لم يتعرض امننا الوطني الى خطر حقيقي .
الشيخ احمد هليل رجل الدين المعروف ، كان ذكر في آخر خطبة له في صلاة الجمعة قبل شهر ونصف تقريبا ، ان الاردن بحاجة للمساعدات الاقتصادية العربية ،واهاب بقادتهم نجدة الأردن ، وذلك بتقديم العون المالي لرفد خزينته الموجوعة ، الأمر الذي من شأنه ان يزيد الاردن قوة ومنعة، تؤهله للفزعة القوية ، اذا ما تعرضت اية دولة منهم لعدوان خارجي .
في الاردن تعودنا منذ نشأة الدولة ، ان نردد ونمجد نشيد بلاد العرب اوطاني ، ولم نقل بلاد الاردن اوطاني ، لاننا شربنا العروبية مع حليب امهاتنا ، وتعلمناها على اصولها في مدرسة الهاشميين ، الذين طبقوها فعلا لا قولا على ارض الواقع ، وهنا اذكّر فقط ، لعل الذكرى تنفع المؤمنين ، بأول رئيس وزراء لأول حكومة اردنية ،السيد رشيد طليع ، الذي كان من بني معروف ( درزي ) .
ولا زلنا نتمسك بهذا الحس العروبي ، ولدينا قناعة راسخة ان توزيع الثروة العربية على ابناء العروبة هو واجب قومي .
الأيام دول ، فقير اليوم ربما يصبح الغني الميسور غدا ، من يدري ؟ المطلوب ان نقف كعرب ومسلمين الى جانب بعضنا بعضا في السر والعلن .
خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترام الى منطقة الشرق الأوسط ، تم التوقيع على اتفاقيات بمليارات الدولارات ، ان لم يكن أكثر من ذلك ، وهذا امر طبيعي لدول ميسورة الحال ، حباها الله بمصادر ثروات عظيمة ، الأمر الذي يقودني للقول ان بضعة ملايين للأردن ،لسد عجزه ، لن تؤثر على هذه المداخيل الخيالية ،ولا على هذه الميزانيات الضخمة .
المسألة هنا لا تقع ضمن دائرة الاستجداء ، المفروض اننا امة نكمل بعضنا بعضا ، اذا اشتكى منها عضو ، تداعى له سائر الاعضاء ، ان لم يكن بالسهر والحمى ، فبالمال الفائض عن الحاجة ، والا فما معنى التغني بوحدة الدم والمصير ومحاربة والارهاب !
ايران قبل فترة ليست بعيدة ، ( ان صحت الرواية ) كما جاء على مواقع التواصل الاجتماعي ، عرضت على الاردن ان تزوده بكافة احتياجاته النفطية لخمسين عاما ، وليس هذا فحسب بل وايضا سداد المديونية كاملة ، ورفد الميزانية بما يسد عجزها واكثر من ذلك ، اقول مرة اخرى اذا صحت هذه الرواية ، فان هذا العرض المغري ، جاء لادراك ايران ان الاردن ليست بدولة هامشية، بل لها حضورها وموقعها الاستراتيجي بين دول الاقليم ، لكن الاردن لم يقبل بهذا العرض لعدة اسباب ، ربما اهمها الحفاظ على أمن المنظومة العربية ، كي لا يعتريها الخلل .
بطبيعة الخال ، على قدر فهمنا ، نقول ونحلل ، انه قد حان الوقت للاعتماد على انفسنا ، وذلك بخفض الانفاق الحكومي فيما يخص المشتريات الراسمالية ،واستغلال ثرواتنا الطبيعية ما ظهر منها وما بطن ، وتشجيع الاستثمار بكل انواعه ، وتخفيض الرواتب التي تتجاوز رواتب الوزراء ، وفتح المشاريع التشغيلية ، والعمل الجاد على اعادة المال العام المختلس او المستحق لخزينة الدولة ، واجتثاث الفساد المالي والاداري من جذوره ، من كافة قطاعات الدولة ، وآخرها وليس بآخر تحقيق العدالة الاجتماعية ، التي طالما بُحّت اصواتنا ونحن ننادي بها ، بحيث اضحت مطلب الصغير قبل الكبير في هذا البلد .