26-02-2017 08:41 AM
بقلم :
لكل شعب من شعوب الدنيا ثقافات خاصة به وثقافات اخرى مشتركة ، ما يهمني في هذا المقام مجتمعنا الاردني، لدينا ثقافات متعددة بعضها جيد وبعضها الآخر بحاجة الى مراجعة ، سواء كانت هذه الثقافات يتم ممارستها على المستوى الشعبي او الرسمي ، ولا استطيع في هذه العجالة ان اخوض في تفاصيلها جميعا ، واكتفي ببعض منها .
في احدى زياراتي الى الجنوب ، فضلت ان استقل مواصلة عامة بدل استعمال سيارتي الخاصة ، فما ان تحركت المركبة التي تقل اكثر من عشرين راكبا ، واذا برائحة الدخان الذي ينبعث من سجائر المدخنين يزكم انوفنا لا سيما غير المدخنين مثلي ، فاعترضت فورا وخاطبت السائق كي يوقف هذه الممارسة الخاطئة ، التي يعاقب عليها القانون، وبالتالي مضرة للصحة العامة ، فاستغرب بل استهجن معظم الركاب اعتراضي على اعتبار ان هذا الأمر لديهم يبدو عاديا .
احد الزوار الاجانب اثناء تجواله داخل المملكة، لاحظ ان سائقي المركبات لدينا لا يلتزمون بثقافة المسرب ، ويغيرون اتجاههم عشوائيا دون تحذير او اعطاء اشارة الانعطاف ، ما يتسبب في كثير من الحوادث المرورية ، بينما في الدول المتحضرة وقبل ان ينعطف السائق من مسربه الى مسرب آخر ، يعطي الاشارة التي تنبه السائقين الآخرين الذين يسيرون معه على نفس الطريق بالاتجاه الذي ينوي الذهاب اليه ، كي يأخذوا حذرهم ويتجنبوا الارتطام .
من العادات والممارسات التي تحتاج الى مراجعة المغالاة في الافراح والاتراح ، وهذه ظاهرة بات الجميع يتحدث عنها ،اعتقد ان هذا البذخ في مثل هذه المناسبات لا مبرر له ، اليس من الاجدى ان نستغل هذه المبالغ التي تفوق الوصف في مشاريع خيرية تعود بالنفع على جيوب الفقر والبطالة والعوز .
اتساءل ويتساءل معي الكثيرون ما الداعي لهذه المصاريف الباهظة في بيوت العزاء ، واقامة الولائم للمجاملة والتباهي وعلى رأي اشقائنا المصريين " موت وخراب بيت "
هذه بعض الثقافات الممجوجة على المستوى الشعبي ، ولا اجد هنا ضيرا للتطرق عن الثقافات التي تحتاج الى مراجعة على المستوى الرسمي ، قمثلا ثقافة الواسطة والمحسوبية ، هي من الثقافات العفنة التي تجذرت في المجتمعات النامية ، ولا اريد ان اقول المتخلفة ، احتراما للذوق العام والمشاعر ، وكي لا ندفن رؤوسنا كالنعام ، لا بد من محاربة هذه الظاهرة السيئة ، بكل ما اوتينا من قوة على كافة المستويات والصعد ، فوجودها وانتشارها يكون سببا قويا في تغييب العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص .
في الآونة الأخيرة وعلى ضوء رفع بعض اسعار السلع والخدمات ، في ظل ضائقة اقتصادية يعاني منها مجتمعنا الاردني ، ظهرت ثقافة جديدة لم نكن نعهدها من قبل ، وهي ثقافة حميدة بعكس تلك الثقافات السيئة ، ثقافة المقاطعة السلمية ، ارتفاع اسعار بيض المائدة والبطاطا ،وغيرها من السلع والخدمات ، شهدنا نداءات على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعتها شعبيا ،ومن محاسن الصدف انها أتت أكلها ، وسوف يبقى الحبل على الجرار فيما يتعلق بسلع وخدمات أخرى كالوقود والكهرباء وغيرها .