حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,14 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 28710

زكام آخر السنة

زكام آخر السنة

زكام آخر السنة

31-12-2015 09:34 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د عودة ابو درويش
صداع شديد , دوار في الرأس , محاولات لوقف سائل ينهمر من الأنف بلا استئذان , ابتلاع حبوب لا تنفع مع داء استعصى على الاطباء معالجته , ارهاق شديد يثني عن العمل البسيط , خوف من نقل العدوى للآخرين , الذين يتحاشون الاقتراب أو تبادل الحديث , عجز في تجميع الصورة التي تعرضها القناة الاخبارية في التلفاز , لدمار شامل في مدن كانت تعج بالناس يوما ما , يغدون ويروحون في اسواقها , يعبدون الله بسكينة واطمئنان نفس , يضحكون ويمرحون , يزرعون في انفسهم ونفوس ابنائهم الثقة في المستقبل , يحبّون أكثر مما يكرهون , يدعون الله ليلا ونهارا أن لا يريهم يوما أسودا , وأن تبقي ديارهم عامرة بالمودة والوئام , وأن لا يدخل عليهم غريب يحسدهم على ما هم فيه , فتقع عليهم لعنة الأيام .
يزداد الزكام تدخلا في اجزاء الجسم القريبة والبعيدة عن الأنف , ويعلن أن لا مناص من أن يدخل التعب الى كلّ خلايا الاعضاء التي تحسب أنّها بعيدة عن المرض , ولا تنفع الأغطية الثقيلة في ابعاد شبح الصورة القاتمة لتفجير سيّارة مفخخة , حصل للتو في بلد بعيد عن موقع الصراع الدائر في الدولة التي يسعى بعض ابناءها لتغيير نهج حكم يعتبرونه مستبدا , الى آخر لن يكون بحال من الاحوال افضل من سابقة , وتتناثر الاشلاء في مكان الانفجار , والدماء تغطّي كلّ تفاصيل الصورة التي تزداد قتامة , وينقل مراسل الأخبار تصريحا لمسؤول كبير , بانّ بلده التي فيها حصل الانفجار , ستظلّ تتدخل في شؤون الدولة المدمّرة بأيدي ابناءها والاغراب .
تغرورق العين وتدمع , ليس فقط من الزكام الشديد الذي يرغم قطرات الدمع على النزول منها , ولكن ايضا , من الصورة الحزينة لأطفال في مخيّم للّاجئين يلاحقون سيّارة , علّهم يحصلون ممّا فيها من مؤن وحاجيات تسكت بعض جوعهم و وتدفئ جزء من اجسامهم التي طالها البرد , وهم اللذين فرّوا من بيوت فيها كانوا يسكنون مع آباءهم وامهاتهم , كانت تمنع عنهم حرّ الصيف وبرد الشتاء , الى مخيّمات اللجوء التي فيها خيم باردة حقيرة , لا تنفع في درء البرد عن اجسامهم الصغيرة , التي يبدو انها ستبقى سنين عديدة تبحث عن الدفء ولا تجده , لتبحث عنه وتستجديه في الدول البعيدة .
يزداد الزكام تأثيرا في الجسم , احساس بعدم نفع الأغطية ولا الأدوية , محاولة للنهوض وتحريك الجسم الذي اصابه الخمول تبوء بالفشل , تفضيل النوم هربا من الواقع ,الذي لا يفسده الاّ صوت يعلو بأمنية من شخص يقف في الصورة أمام أنقاض بيوت وشوارع مهدّمة , يتمنّى , بتفاؤل يخفي خلفه غصّة في الحلق وحنق في النفس , ويقول عام جديد سعيد .











طباعة
  • المشاهدات: 28710
برأيك.. هل تجر فرنسا وبريطانيا وألمانيا أوروبا لحرب مع روسيا رغم خطة ترامب لحل النزاع بأوكرانيا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم