16-08-2015 09:31 AM
سرايا - سرايا - بالرغم من تأكيدات الحكومة المتكررة بأن "الحريات العامة ما تزال مصانة ضمن أحكام القانون"، إلا أن ناشطين واعلاميين يرون ان هناك ارتفاعا في أعداد الصحفيين، الذين تعرضوا لانتهاك "حجز الحرية"، جراء نشرهم مقالات في مواقع إخبارية، أو آراء على صفحاتهم الخاصة في "فيسبوك"، وهذا ما اكدته ايضا تقارير منظمات حقوقية دولية.
فـ"تعكير علاقات الأردن مع دول صديقة"، باتت تهمة تلاحق صحفيين، ينتقدون العلاقة الأردنية مع دول عربية عدة، أو لانضمامه لتحالفات عربية أو دولية ضد "الإرهاب".
"الحريات العامة مصانة ضمن احكام القانون ولكن تجاوز القانون وتعريض مصالح الاردن أمر تجرمه القوانين المعمول بها، في حال تضمنت إساءات، وتجريحا بدول صديقة وشقيقة"، تصريح لوزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، أدلى به ردا على تقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش" في كانون ثاني (ديسمبر) الماضي، اتهمت فيه الأردن بـ"كسر وعود الإصلاح من خلال اعتقال واتهام نشطاء في الجرائم المتعلقة بالتعبير عن الرأي".
واورد تقرير "هيومن رايتس ووتش" عدة حالات، قال انها اعتقالات واحالة لمحكمة امن الدولة لصحفيين وكتاب، على خلفية مواقف سياسية عبروا عنها عبر المواقع الالكترونية او "التواصل الاجتماعي"، ومنهم الكاتب المستقل جمال أيوب (اوقف منذ 22 أبريل/نيسان ولم يفرج عنه)، والزميل غازي المرايات من صحيفة الرأي، واوقف لـ 4 أيام للتحقيق بزعم انتهاكه لأمر بحظر النشر، بنشره تفاصيل عن مخطط إرهابي، وايضا بموجب قانون مكافحة الارهاب.
وايضا تم توقيف الصحفيين هاشم الخالدي سيف عبيدات من الموقع الإلكتروني "سرايا نيوز"، في 28 يناير/كانون الثاني، بعد نشر الموقع لمقال بشأن مفاوضات "مزعومة" بين الأردن و"داعش" للإفراج عن الشهيد معاذ الكساسبة.
فيما كانت اخر القضايا المسجلة هي بحق الزميل الكاتب جهاد المحيسن حيث قال شقيقه "إنه احتجز بأمر من محكمة أمن الدولة"، ووفق قانون مكافحة الارهاب ايضا.
رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور موسى الشتيوي يستبعد أن تكون هناك سياسة للسلطات تستهدف اعتقال وتوقيف الصحفيين، ويقول "أن المشكلة تكمن في قانون منع الارهاب، الذي تتيح نصوصه اعتقال من يتجاوز القانون، فيما يتم التعبير عنه من آراء سواء صحفيين أو غيرهم".
ويستشهد شتيوي بما ينشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مواطنين، حيث يندرج بعضه في مخالفات لقانون منع الارهاب. "فالمسألة ليست مرتبطة بالصحفيين، بل بمخالفة نص قانوني، وما حدث من اعتقالات أخيرة، شملت صحفيين وغير صحفيين، ومن ضمنهم حتى نواب مثلوا امام محكمة امن الدولة".
فيما يرى عضو مجلس سابق في نقابة الصحفيين راكان السعايدة أن "الحالة الأمنية" تسيطر على مستويات القرار السياسي، بالنظر إلى ظروف المنطقة والإقليم، تتطلب أن تكون هناك أجندة واحدة متبناة من كل الأطراف، خصوصا الإعلامية".
ويضيف السعايدة، أن هذه حالة "ستطول وتتفاقم أكثر مع اشتداد الصراعات، وسنلاحظ المزيد من التضييق على الإعلاميين ووسائل الإعلام".
وحالة الصحفيين الأردنيين، بحسب وصف السعايدة، مقلقة، نتيجة التضييقات والاعتقالات، والتقييدات، "وأظن أن المقبل أصعب، وربما بدأ يدفع الكثير من الإعلاميين والصحفيين لقمع وضبط مواقفهم وطريقتهم في العمل تجنبا للملاحقة".
ويحمل السعايدة مسؤولية هذا الواقع لاطراف عديدة، أبرزها نقابة الصحفيين التي "يفترض أن تكون المدافع الأول عن الحريات، وعليها أن تعمل على تغيير التشريعات الناظمة للعمل الإعلامي بما يضمن صون هذه الحريات".
"المطلوب موقف من كل الأطراف للضغط على المؤسسات الرسمية، لتوقف نمط وطريقة تعاطيها مع الإعلام، وان تعي أن وسائل المعرفة باتت متاحة واي تقييد لا قيمة له"، وفق السعايدة.
نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني يجدد تاكيد موقف النقابة برفض توقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر، "هذا موقف ثابت ومبدأي، وتحويل الصحفيين لمحكمة أمن الدولة، في قضايا لها علاقة بقانون المطبوعات طالما كان مرفوضا من قبل النقابة".
يقول المومني "نحن لا نريد حصانة للصحفيين امام القانون، لكن نطالب أن تتم محاسبتهم أمام القضاء المدني، مع احترامنا لمحكمة أمن الدولة واختصاصاتها الخمسة، لكن ليس من بينها قضايا المطبوعات والنشر".
وواجه الصحفيون التوقيف "الحبس الاحتياطي" في جرائم تقع عبر وسائل النشر، الى ان تم تعديل قانون المطبوعات العام 2007، والذي حظر التوقيف في جرائم ترتكب خلافا لقانون المطبوعات، وتحتوي على تعبير عن رأي فقط، ولكن ظنهم هذا كان في غير مكانه، وفق المحامي المتخصص بقضايا المطبوعات محمد قطيشات.
"تستخدم النيابة العامة صلاحيتها في اعتقال صحفيين ومن ثم اخراجهم بكفالة او باعلان عدم اختصاصها، "وطبعا هذا يخالف توجيهات جلالة الملك بعدم توقيف الصحفيين في قضايا الاعلام".
ويرى قطيشات: "أن هذا التعديل جاء من باب لزوم ما لا يلزم، لان قانون المطبوعات لا يحتوي على عقوبات سالبة للحرية بل غرامات مالية لا يجوز التوقيف فيها، وظل التوقيف مستمرا للصحفيين من خلال جرائم النشر المرتكبة خلافا لقانون العقوبات والذي يحتوي على جرائم من اختصاص محكمة أمن الدولة".
ويضيف: جاء تعديل قانون المطبوعات عام 2012 ليجعل كل الجرائم الواقعة على أمن الدولة من اختصاص قاضي المطبوعات وليس محكمة أمن الدولة، والذي سبقه تعديل الدستور بمنع محاكمة المدنيين أمام قضاة عسكريين، وبالتالي لم يكن أمام الحكومة الا استحداث قانون منع الإرهاب، وتضمن نصوصا قانونية تعاقب على جرائم التعبير عن الرأي والتي تحتوي على تعكير صفو العلاقات مع الدول الشقيقة والأجنبية، فيما لازالت هناك جرائم واردة في قانون العقوبات مثل "تقويض نظام الحكم" تجيز لنيابة أمن الدولة استخدام صلاحياتها قي التوقيف، وهذا ما حدث مع صحفيين وكتاب مؤخرا، يقول قطيشات.
من جهتها، تضع المحامية والناشطة الحقوقية نور الإمام المشهد الإعلامي وحرية التعبير "بين مقصلة قانون منع الارهاب وسندان محكمة امن الدولة"، وبينت ان "الدستور كفل الحق بحرية الرأي والتعبير في المادة 15 منه، كما كفلته المواثيق الدولية والمصادق عليها من قبل الأردن"، تقول الإمام، كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن طرف فيه، يحمي الحق بحرية التعبير، بما في ذلك "حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها" (المادة 19).
كما أن لجنة حقوق الإنسان التي تتولى تفسير العهد، شددت على أهمية "التعبير غير المقيد"، فيما يتعلق بالنقاش حول المسؤولين العموم في المجال السياسي والمؤسسات العامة.
وبموجب المادة 9-3 من العهد الدولي، "لا يجوز أن يكون احتجاز الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة"، يقول تقرير "هيومن رايتس ووتش": "إن وصف التعبير بالإرهاب لمجرد انتقاد بلدان أخرى لا يخفي حقيقة أن الأردن يعاقب المواطنين الذين يمارسون حرية التعبير". (نقلاً عن صحيفة الغد)