16-06-2014 06:51 PM
سرايا - سرايا - رد الفلسطينيون على وصف الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين الثلاثة المفقودين في الضفة الغربية بالأطفال، بإعادة تفعيل قضية انتهاكات الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين واستحضار مشاهد جرائم سلطات الاحتلال بحقهم.
وظهر التفاعل الفلسطيني بشكل واضح في "سجال" محتدم بين نشطاء فلسطينيين وإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة "فيسبوك" عبر "هاشتاقات" متعددة، وإعادة نشر صور وفيديوهات تُظهر إرهاب الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال الفلسطينيين.
وتحاول وسائل الإعلام الإسرائيلية في نهجها المسيّس استعطاف الرأي العام العالمي في تصنيفها للمستوطنين الثلاثة بأنهم أطفال ووصفهم بالمراهقين وهو ما يعرف إسرائيليًا بمصطلح "بني نوعر" أي الفتى اليافع، وهو أكبر من طفل بمعني انهم شبان صغار السن.
وفي هذا الإطار تعمّد الاحتلال إظهار نوع من الصور للمفقودين بوضعيات معينة تُظهر بأنهم مراهقين صغار يمارسون اللعب والغناء ويعيشون حياة الأطفال، وهو مسعى لتشويه صورة "الخاطفين" وكيف أنهم يستهدفون المدنيين والأطفال.
شهادات حية
ويؤكد مختصون أن "إسرائيل" هي أخر من يمكنه التحدث في قضية الأطفال وحقوقهم في ظل انتهاكاتها المستمرة لحقوق الأطفال الفلسطينيين، سواء عبر اعتقالهم وتعذيبهم والتحقيق معهم وقتلهم، إضافة إلى الاعتداء عليهم عبر الحواجز.
ويعتبر مشهد اعتقال الطفل وديع كرم مسودة ابن الـ5 أعوام الذي نددت به كافة منظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية وحتى الإسرائيلية ذاتها، توثيقًا لواحدة من عشرات مشاهد انتهاك الاحتلال لحقوق الأطفال.
واعتقل جنود الاحتلال الطفل مسوّدة في 12 يوليو الماضي، أمام مرأى والده الذي حاول إنقاذ طفله وإقناع الضابط الإسرائيلي بتركه، لكنه أصّر على اصطحابه إلى دائرة الارتباط والتنسيق وهدد باعتقال والده إن قاوم اعتقال نجله.
وفي مشهد أخر، اعتقل جنود الاحتلال أبا فلسطينيا في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أمام مرأى طفله الذي حاول منع الجنود من اعتقال والده وهو في حالة بكاء وخوف شديدين، لكن ذلك لم يحرك أي من ضمائر الجنود الذين انهالوا على الأب بالضرب واقتادوه للجيب العسكري.
كما أن اعتقال جنود الاحتلال أما فلسطينية وابنتها في بلدة النبي صالح قضاء رام الله والموّثق أيضًا يعكس الوجه الحقيقي لـ"اسرائيل"، التي جاءت لتتحدث عن الإرهاب باختطاف مستوطنوها الثلاثة.
وبلغ عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال حتى أبريل الماضي 230 طفلاً، وهم يتعرضون لسوء معاملة ممنهجة.
تعذيب وتنكيل
وسبق أن وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الطفل في يونيو الجاري عشرات الشهادات لأطفال فلسطينيين تعرضوا لأساليب وعمليات تعذيب وحشي وضرب وتنكيل ومحاولات اغتصاب على أيدي جنود الاحتلال.
وفي واحدة من الشهادات، يتحدّث طفل عن أنه استيقظ على ركلات الجنود الوحشيّة وهو نائم في سريره، بعد أن أيقظوه وقيّدوا يديه ورجليه لمدة تزيد عن نصف يوم، رغم أن أصبع الطفل كانت مقطوعة حتى وسطها، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بتلوث خطير اضطر الأطباء لبترها.
ويظهر من شهادات أخرى أنه وخلال نقل الطفل إلى معسكر التحقيق، يستخدم الجنود عنفًا جسديًا وكلاميًا قاسيًا ونابيًا للغاية بما في ذلك الضرب، وإطاحة رأس الطفل بالجدران، وتهديدات بالعنف وتهديدات بالاعتداء الجنسي والاغتصاب.
وعادة ما تستمر عملية التحقيق مع الأطفال المعتقلين ساعات طويلة، ويتم تقييدهم بوضعية الشبح بحيث تُربط يداهم وأقدامهم بكرسيّ منخفض.
وقال عدد من الأطفال الذين سبق اعتقالهم إن "المحققين هددوهم بالضرب والعزل وتعذيب آبائهم واغتصاب أمهاتهم وأخواتهم في حال لم يعترفوا بالتهم الموجهة إليهم، كما أن معظمهم قالوا في شهاداتهم إنهم تعرّضوا للتفتيش العاري في الكثير من مراحل التحقيق".
وليس أدل على إرهاب الاحتلال الإسرائيلي الممارس ضد الأطفال من مشاهد استشهاد أكثر من 455 طفلاً خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامي 2008 و2012.
تحاول تبييض وجهها
وبالنسبة إلى المستشار القانوني للحركة العالمية للدفاع عن حقوق الطفل خالد قزمار الاثنين، فإن "اسرائيل" تحاول أن تستغل أي مناسبة لمحاولة تبييض وجهها المليء بالإرهاب، خاصة في ظل التنديد الدولي بقتل الاحتلال للطفليْن نديم نوّارة ومحمد أبو طاهر في ذكرى "النكبة" منتصف الشهر الماضي في رام الله.
ويشير قزمار إلى أن هاتيْن الجريمتين تلاحقان "إسرائيل" على المستوى العالمي، خاصة بعد قدوم خبراء من عدة دول أوروبية لفحص جثماني الشهيدين والتأكيد بأنهم استشهدوا برصاص حي أطلقه جنود الاحتلال.
ولذلك-بحسب قزمار- فإن "إسرائيل" تحاول وعبر ماكنتها الإعلامية تسويق قضية اختطاف المستوطنين الثلاثة لاستعطاف العالم عبر وصف الشعب الفلسطيني ومقاومته بالإرهاب.
ويشدد الناشط الحقوقي على أن "إسرائيل" لن تتمكن من تغيير الحقائق، ولن تصل في جهودها هذه إلى مستوى الجهود الفلسطينية في توثيق انتهاكاتها ضد الأطفال.
كما يؤكد أن من بين المستوطنين الثلاثة جندي يعمل في جيش الاحتلال ويبلغ من العمر 19 عاماً، كما أنهم حينما اختطفوا كانوا متواجدين في منطقة محتلة بما يخالف القانون الدولي الذي يصف الاستيطان بأنه غير شرعي.
وإضافة لذلك فإن الثلاثة هم جزء ممن نفذ عمليات "تدفيع الثمن" المتطرفة ضد الفلسطينيين، ومن بين من شاركوا في بناء البؤر الاستيطانية من خلال ما كان يعرف بـ"فتيان التلال".