03-03-2014 03:10 PM
سرايا - ( شر البلية ما يضحك ) أو شر الضحك ما يبكي !
تقول الحكاية بأن مسؤولاً كبيراً اصر على وجود حصان في بطنه , وقد عرضه اهله وأصدقاؤه وجيرانه وأبعد من عرفوه على الأطباء الجراحين , والنفسانيين والباطنيين إرضاء له وإسكاتاً لهواجسه وتغولاته المتوقعة والواقعة ! وكانوا يتحايلون عليه لإقناعه بأنه خالٍ من أي حصان !
ولم يوفر أصدقاؤه وأهله وهؤلاء وسيلة من وسائل الدعم النفسي والأجتماعي واللوجستي والطبي إلا وقدموها للشاكي المسؤول حيث أرادهم أن يصدقوه كما كانوا يصدقونه بكل شيء !!
وقد زاده تصديق الناس له والمسؤولون الاكبر منه بجنون الإدعاء !!!
, فالرجل ذو شخصية مؤثرة فتاكة ولا يجوز التخلي عن دعمه ! خوفاً منه , حتى كادوا هم أيضاً يعلنون أن في بطونهم خيولاً ! ولما لمس تصديقهم لادعاءاته المستحيلة وشكواه العليلة , اعلن أن الحصان يتقلب ويتشقلب في بطنه ويرفس بطريقة تشبه خوضه لمعركة ام ألجوارب الشهيرة , ولما صدقوه أيضاً مال واشتكى وطلب ما يروق له , فكان له ما يشتهي !
كيف لا وهو مصدق وذو موقع يستطيع أن يضرب من يشاء تحت الحزام في اي وقت يشاء دون مخافة أو اعتبار لا لله ولا للعقوبة !!!
فهو يسكن على راس تلة عالية ويخطب من شاء لسماع قصصه ويؤلف القصص على هواه ؟ وحتى القصص المدعاة الكاذبة والأباطيل التي يروح ضحيتها الكثير من أهل الوادي تصدق ولو مجاملة لذقنه التي لا تفتأ تختلق القصص المستحيلة والباطلة !
إلى أن أعلن ذات يوم بأن الحصان الذي في بطنه يصهل وربما يخطط للإندلاع على المحيطين به إذا تركوه يعاني كل هذا العذاب المضني ! فاضطروا إلى اصطحابه إلى طبيب ممتاز على قدره وحجم مهماته الموكولة إليه على رأس التلة المعروفة لدى الجميع , وكان الطبيب كبير الحنكة والمعرفة , فجلسوا بين يديه ومددوا الشاكي المسؤول وأقنعوه بأن الحصان لن تقوم له قائمة بعد اليوم , ولن يزعج جنابه وسوف يتم اجتثاثه وبكل الوسائل حتى لو كلفهم ذلك أموالهم وأولادهم وشرفهم فيما لو تلطخت جباههم بدم الحصان المعتدي على بطن السمؤول والمهدد بالتوالد ضد الناس !
أمسكه الطبيب العاقل , ثم قلبه على بطنه أولاً ، ثم على قفاه ، وتأمل طويلاً ... وفحصه بدقة متناهية ثم أعاد بطحه على قفاه بوضعية الولادة المنتظرة وفجأة صرخ الطبيب وصرخ كل من حوله صرخات زلزلت المحيطين وهزت الأرض تحت الأقدام وقال الطبيب قولته الحاسمة : يا للهول …..
إن الحصان على وشك الانزلاق يا عالم نحونا , ومن الواجب أن نتداعى كلنا لسحبه ولجم حركته وإسكات صهيله في بطن سيدنا ! ثم تبادلوا النظرات المشككة والراثية بسرية تامة لا يفمهمها غيرهم ! وصاح الطبيب وهو يعض على شفتيه قهراً :
أي نوع من الخيول هذا ؟ إنه حصان عجيب ، لم أر له مثيلاً في حياتي ، إنه مرعب .... إنه يهدد الوطن !
واجتمع الحشد وصاحوا : بالله علينا … وبالله عليك يا حكيم , خلص رجلنا من الحصان الكامن في بطنه …!
وحين اصطدمت أعينهم بعيني السيد الشاكي وجدوه يربت على بطنه ويمسح بنظراته الحشود واحداً واحداً ويقول : ها …أرأيتم ؟ ألم أقل لكم أن في بطني حصاناً ؟ لقد كذبتموني في البداية !
، جاء الحشد بحصان ملفوف بقماش وقد خدروه تخديراً كاملاً , وحددوا وقت إظهاره كما يخرج الفنان المخرج أفلامه , واستعدوا وقلوبهم تكاد تزغرد فرحاً لنجاتهم من ادعاءاته القادمة ! وحملوا الحصان الضحية وأدخلوه في غرفة العمليات !
أمر ( الطبيب ) غرفة العمليات بالاستعداد والتجهيزللسيد الشاكي, وقاموا بتخديره وشق بطنه شقاً خفيفاً وقطبه برقة وحنان , وجاءت الناس تجتمع حوله تهنئه بالسلامة , وتريد إسعاده بإخراج الحصان مكبلاً موثوق الرجلين قاعداً على قاعدة للإعدام !
جلسوا وكل يصلح من هندامه ثم أشاروا نحو حصان منهوك القوى رمادي اللون تسيل حبات العرق السائحة على جسده بعد أن خدره الطبيب وقام بضربه حتى يتنهنه.
اقترب قوم المنافقين من الحصان ليوسعوه ركلاً ووخزاً وهم ينتقمون للسيد الشاكي , ويبعثرون غرفة العمليات بالزغاريد سعادة بخلاص السيد الشاكي ! وقالوا بصوت واحد للشاكي بعد إظهارهم للحصان :
الحمد لله ….. ها …. ها هو الحصان الفاسد الحقير قد أخرجه الحكيم من بطنك ! كل الأمور تمام يا سيدي , لم يعد ما يؤرق سعادتك من خيول في البطون , كيف نحن معك … ؟
نظر السيد الشاكي في وجوههم واحداً واحداً , وعلت جبينه ابتسامة , فهجموا على يديه يلثمونها للرضى الذي حصلوا عليه , وفجأة ربت على بطنه متأوهاً موجوعاً : يا مخادعين …. يا منافقين ...
هذا ليس الحصان الموجود في بطني !
هذا واحد مختلف !!!