17-06-2025 10:59 PM
سرايا - في لحظةٍ فارقة من التاريخ الملطخ بالدماء والمزدحم بالتناقضات، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم تحت قبة البرلمان الأوروبي مخاطبًا العالم بلغة الأخلاق، وناطقًا باسم القيم التي تتآكل تحت وطأة المصالح والنفاق الدولي، خاصة في ما يجري في غزة وفلسطين من جرائم يومية ترتكبها إسرائيل.
كان الخطاب أكثر من مجرد كلمة رسمية؛ كان موقفًا صارمًا، ونداءً إنسانيًا، وصفعة قوية لضمير عالمي بدأ وكأنه فقد بوصلته الأخلاقية.
استعرض جلالة الملك مشاهد من التاريخ، ومراحل مختلفة من الحضارات التي ازدهرت حين تشبثت بالقيم، وانهارت حين تخلت عنها. هذا التذكير لم يكن عبثيًا، بل أراد من خلاله أن يُظهر كيف أن العالم المعاصر، رغم تقدمه التكنولوجي، يسقط أخلاقيًا حين يغض البصر عن مجازر ترتكب على مرأى ومسمع الجميع.
في خطابه، وجّه جلالة الملك رسائل مباشرة، دون مواربة، للغرب ولصناع القرار في أوروبا والعالم. رسائل مفادها أن الصمت عما يحدث في غزة، والتغاضي عن الاحتلال، والسكوت عن القتل والتجويع والتهجير، ليست مواقف حيادية، بل تواطؤ صريح يهدد مستقبل المنطقة والعالم. فالتعامل الإسرائيلي الدموي في غزة والضفة الغربية ليس شأناً داخلياً، بل قنبلة موقوتة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وتزيد من حدة التطرّف، وتزعزع الاستقرار لعقود قادمة.
جاء خطاب جلالة الملك متزنًا، واضحًا، دون صراخ أو انفعال، لكنه مشحون بقوة الحق، محمول بثقل المسؤولية الأخلاقية. لغة منمقة، محكمة، توازن بين الدبلوماسية والحزم، بين الإنسانية والسياسة، بين الرسالة الأردنية الثابتة وموقف القائد الذي لا يساوم على كرامة الإنسان.
كان الحضور الأردني في هذا المحفل العالمي فخرًا لكل أردني. فقد أظهر جلالة الملك أن الأردن، رغم كل التحديات، لا يتخلى عن دوره الأخلاقي ولا عن التزامه تجاه أشقائه الفلسطينيين. وقدّم صورة ناصعة لقائد عربي يطالب بالسلام العادل، لا الاستسلام، وبالعدالة لا بالتسويات الفارغة.
كأردني، لا يسعني إلا أن أفتخر بما حمله هذا الخطاب من شجاعة ووضوح وكرامة. في زمن الصفقات، بقي صوت جلالة الملك صريحًا، لا يساير على حساب الدم الفلسطيني ولا يتنازل عن حق الإنسان في الحياة والحرية والكرامة. فبينما ينشغل العالم بحسابات الربح والخسارة، جاء صوت عبدالله الثاني ليذكر الجميع أن هناك من لا يزال يؤمن بالقيم، ويقاتل من أجل العدالة، ويقف على منابر العالم ليرفع الصوت باسم كل المظلومين.
خطاب اليوم، بكل ما حمله من رسائل، لم يكن مجرد مناسبة خطابية أو مجرد كلام، بل خارطة طريق أخلاقية وسياسية للعالم، إن أراد أن ينجو من مزيد من الفوضى وكثيرٌ من الدماء ويتجنب المزيد من الانهيارات الإنسانية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-06-2025 10:59 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |