هل نحن حقاً ضد الفساد بعد ان تبين الينا ان محاربة هذا الفساد والفاسدين قد يجرنا الى حالة تصادمات مع قوى متنفذة ستؤدي الى حالة عدم استقرار ومزيداً من المواجهات ومزيداً من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي لأن الفساد قد اصبح من اقوى التكتلات بل من اقوى المؤسسات التي تضم قوى متنفذة تدافع عن مصالحها وعن وجودها ودورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي حتى في الدول الكبرى .
وهذه القوى لا يزال لها حضور ومكانة ونفوذ لذلك لن يصلح ان نشن حرباً ضروسة وشاملة على قوى الفساد لكننا بحاجة الى مواجهة تدريجية منطقية معقولة وبالاستطاع الوصول اليهم وذلك من اجل تقليص حجم الفساد الى درجة التخفيف من اثاره السلبية سواء كان ذلك على الاقتصاد او على المجتمع وجعله في دائرة ضيقة مقرون بأشخاص نميز بين ما هو عليه الرضا ومن هو ليس عليه الرضا فرغم وجود هيئات لمحاربة الفساد ووجود دوائر مختصة ولوائح وقوانين الا ان تأثيره اذا لم يتم تحجيمه سيطال جميع الطبقات سواء العاملة في القطاع الحكومي او بالقطاع الخاص .
حيث اننا نجد الكثيرين من التجار واصحاب المطاعم والمصالح المتعددة قد اصبحوا يتلاعبون بمصير المواطن سواء بتواريخ مدة صلاحية المواد الغذائية او غشها عن طريق اعادة التبكيت والتعليب او تزوير الادوية الطبية او صلاحية اللحوم والاسماك كذلك الأمر بتجارة الممنوعات والمحرمات والتهريب وغيرها كذلك الامر في مؤسسات المجتمع المدني التي اصبح لها اتصال وتواصل ودعم من منظمات وجهات متعدده لتنفيذ اهداف وغايات متعدده اي ان معادلة الفساد اصبحت مثل معادلة الاقتصاد او معادلة السوق عرض وطلب والمجتمع الرأسمالي اصبح بتحالف قياداته المتنفذة صاحب نفوذ مؤثرة على سياسة الدولة وعلى كل من يريد ان يطالهم او يصل او يحقق معهم فأغلقت ملفات واستقال محققين اي ان هذا المجتمع الرأسمالي اصبح يتحكم بزيادة نسبة الفساد او الاقلال منه وكما نلاحظ ان غالبية مشاريع الدولة قد نخرها الفساد وهي كثيرة مترامية الاطراف اي اننا يجب ان لا ننكر اننا امام فساد منظم تقوده زمرة فاسدة صاحبة نفوذ وسلطة .
لذلك علينا عدم الانشغال كثيراً بالخدعة البصرية المستخدمة اعلامياً او اجرائياً لمحاربة الفساد والفاسدين والتمثيل الشكلي فلقد هربت المليارات واعاد الفاسدين ترتيب اوضاعهم المالية داخلياً وخارجياً من خلال شركاتهم او شركات يمثلونها بحيث لا يطالهم اي ضرر مالي فإن حجزت على ما يملكون لن تجد سوى القليل القليل كذلك شاهدنا العديد من المحاكمات الشكلية انبهر الشعب بها وما لبثنا بعد فترة زمنية حتى وجدناهم يصولون ويجولون بالأفراح والأتراح .
ان الاصلاح المتدرج بدرجات مناسبة للاقلال من حجم الفساد اكثر فاعلية ونتيجة لأننا لن نطول الفاسدين الحقيقيين وعلينا ان نستبدل عبارة تطهير الفاسدين التي يعجز المعنيين عن تحقيقها اليس الفساد والتفسخ الاخلاقي والقيمي الذي يشهده مجتمعنا الآن شكلاً من اشكال الفساد خاصة انه أصبح يدار من خلال شيكات منظمة يتوفر لديها كل اساليب الحماية كذلك الامر فيما يخص شيكات سرقة السيارات وغيرها الكثير .
المثقفون والمفكرون يستحوا ان يقولوا ان الفساد باشكاله وانواعه بما فيه من علل انه اكثر ربحية فكي لا يذهب الخبز والخباز بحيث لا يبقى شيء علينا ان نصل الى مرحلة النضج في معالجة مثل هذه الامور وان نصنف الفاسدين بين ما تستطيع الجهات المعنية الوصول اليهم وبين ما لا تستطيع الوصول اليهم .
كذلك المجتمع المحلي الذي يعود ويصوت وينتخب الفاسدين المعتمدين على شراء الذمم بالمال السياسي فها نحن نشاهدهم من دوره لاخرى مكررين وكأنها وظيفة ومهنة لا تليق الا بهم فعلى الجميع ان يتحمل مسؤولياته امام الله والوطن ويحكم ضميره وعلينا ان لا نرمي الذباب بالمدفع لنتخلص منه ومن أذاه بل الحاجة لاعادة التشخيص واتباع الاسلوب المتدرج والعلمي والعقلاني بالتخلص منه وان لا نكون مثل الشخص الذي كان يشكو ألماً من رجله فقام الاطباء ببتر ساقه وهو الآن برجل صناعية يعاني الأمرين .

المهندس هاشم نايل المجالي

hashemmajali_56@yahoo.com