05-01-2014 09:53 PM
سرايا - لقد قرأت على موقع سرايا ــ حماها الله ـ ، خبرا سارا ، كنت أتمناه من عشرات السنين ، وكنت بين الحين والآخر ، أقول لطلابي في محاضراتي ، وفي الدروس العامة لجمهور المصلين ، كنت أقول لهم : إني لم أسمع أردنيا واحدا من الشمال إلى الجنوب يقول: إن القاتل عمدا ، هو غريمي فقط ، وليس غريمي من معه في دفتر العائلة ، كأخيه ، وأبيه ، وابن أخيه ..
هذا الخبر السار ، مصدره عشائر الزوايدة ــ البادية الجنوبية ـ حيث تم العفو عن ذوي الجاني ، والعودة من مكان جلوتهم ، إلى قريتهم في قضاء الديسة ، دون قيد أو شرط ، واعتبار القاتل وحده ، هو الذي يعاقب.
هذه بادرة غير مسبوقة ، تسجل لعشائر الزوايدة ، ويشكرون عليها , ونتمنى من سائر عشائر الأردن في الشمال والجنوب ، أن يحذو حذوهم ؛ لأن هذه البادرة، تنطلق من قوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الأنعام : 64 .
وقد تكررت هذه الآية نفسها في سورة الإسراء : آية / 15 ، و في سورة فاطر: آية : 18 ، وفي سورة الزمر : آية / 9 .
إن تكرار هذه الأية ، في أربع سور من القرآن الكريم ، لدليل على أن الله ـ عز وجل ـ يذكر المسلمين ــ وبخاصة المتدينين منهم ـ أن يتقوا الله ، وان يعودوا إلى رشدهم ، وإلى حكم شرعهم الذي يقرر أن القاتل هو الذي يحاسب ، ولا ذنب للآخرين فيما جناه ، فالإنسان مأخوذ بجرمه ، وكما يقول المثل العربي : " كل شاة معلقة من عرقوبها " .
إن هذا العفو القادم من قضاء الديسة ، يذكرني بقصة ـ قيس بن عاصم التميمي ـ مع ابن أخيه الذي قتل ابنه ، حيث حضر إلى خيمته ـ وهو جالس مع قومه ـ
شابان : أحدهما : مقتول ، والآخر مكتوف ، فقيل له : هذا ابن أخيك ، قد قتل ابنك، فقالوا : والله ما فك حبوته . فالتفت إلى ابن أخيه ، فقال له : يا ابن أخي : بئس ما فعلت ! لقد أثمت عند ربك ، وقتلت ابن عمك ، ورميت نفسك بسهمك ، وقطعت رحمك ، وقللت عددك . ثم نظر لابن له آخر كان جالسا ، فقال له : قم يابني إلى ابن عمك ، وفك قيده ، وادفن أخاك ، واعط أمك مئة من الأبل ، دية لها .
أقول هذا ، لعل المنابر الإعلامية ، بما فيها وزارة الأوقاف ، أن تستغل هذه البادرة غير المسبوقة التي سنتها عشائر الزوايدة في البادية الجنوبية ، مع إطلالة العام الجديد ، أن القاتل وحده ، هو الذي يحاسب على جرمه ، انطلاقا من قوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وبهذا نكون قد أرضينا الرب ـ عز وجل ـ وأخذنا بقوله ، لا بقول المخلوق المبني على هوى النفس .