حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,4 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 36717

هاشم المجالي يكتب : صم العظماء .. وصم المسؤولين !!!

هاشم المجالي يكتب : صم العظماء .. وصم المسؤولين !!!

هاشم المجالي يكتب : صم العظماء  ..  وصم المسؤولين !!!

25-11-2013 12:15 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - لقد وجد في التاريخ القديم والحديث اناس اثبتوا للبشرية جمعاء بأن الاصابة بعاهة او اكثر ليست نهاية العالم وان الارادة القوية مدعومة بالموهبة قد تجعل من صاحب العاهة بطل مبدع منتج مبتكر مخترع يسبق الاصحاء باشواط كبيرة .


ومن بين العاهات التي قد تصيب الانسان نقص او ضعف السمع بدرجات متفاوتة مما يعزل المصاب عن الاصوات الخارجية واذا حصلت هذه الاصابة مبكراً فانها ستكون مسؤوله عن تأخر ذلك الشخص في النطق ويغدو اصماً وابكماً .


ومع ذلك لم يستطيع الصم ان يثني بعض ضحاياه من المضي قدماً في تيار الحياة الهائج ولكي يثبت هؤلاء المعاقين بأن الانسان مجموعة رائعة من القدرات ان توقفت احداها عن العمل بسبب ما عوضت اخرى عنها بوجود محرك الايمان والارادة والعزم والتصميم .


وكل منا يصادف اثناء ممارسته اليومية بالعمل او بالمجتمع اعداداً من الصم الذين ابتعدوا عن نشاطات الحياة المختلفة بسبب عجزهم او عدم اتاحة الفرصة لهم لاثبات وجودهم لذلك اختاروا البقاء في الظل وساعدهم على ذلك فقر الظروف والامكانيات العامة المقدمة لهم من الجهات الرسمية المعنية او من المجتمع نفسه .


فتعاضد ضعف الارادة والاحباط مع قلة امكانيات التأهيل والتدريب ورفع الكفاءة فكانت النتيجة هرباً من العمل المنتج النافع والحياة الاجتماعية الى الانطواء خاصة في المناطق النائية .


وكم يأخذنا العجب من اصم يطرق باب المساعدة وقد اتقن القراءة والكتابة والتهم من شتى انواع الثقافات والعلوم الشيء الكثير ومارس هويات رياضية وفنية عديدة وانهى الدراسة الجامعية او اتقن حرفة فنية او يدوية وهو تغمره السعادة بما حقق وما انجز فخوراً بما وصل اليه .
ان تصفح كتب التاريخ يبرز لنا شخصيات كانت تعاني من الصمم ولم يكن ذلك الامر عائقاً لها من ان تترك بصمة واضحة في تطور الانسانية جمعاء .


ومن بين الشخصيات العالمية من مختلف الاعاقات المختلفة سواء الجسمية او الحسية او العقلية اخترت بعض الشخصيات المصابة بالصمم ومن اشهرهم بتهوفن ( لوفيج فان بيتهوفن ) والذي ولد في مدينة بون الالمانية عام 1770م وسعى والده الى تعليمه اصول العزف على البيانو والقيثارة وهو في الثالثة من عمره لقد نشأ بتهوفن فقيراً لقد ابتعد عن الناس لاهمالهم له لكنه لجأ الى الطبيعة ليدون انغامه والحانة فأبدع موسيقى تعبر تعبيراً صادقاً عن احساس الانسان ولا تزال سيمفونياته التسع ومؤلفاته العديدة نبعاً ينهل منه كل محب للموسيقى وكان اعظم موسيقاه على الاطلاق تلك التي انتجها في مرحلته الاخيرة واسمها الصماء فمن وسط اشد انواع العزلة عمقاً عاشها فلقد كان مريضاً فقيراً اصم مهجور من اعز الناس واحبهم لديه ومن خلال هذه الاعماق الرهيبة التي كان يقبع فيها بتهوفن استطاع ان يصدر اعظم الحانه واكثرها خلوداً وكان يستمع الى مقطوعاته وعزفه بوضع طرف مسطرة بين اسنانه بينما يضع طرفها الاخر على البيانو وهو ما يطلق عليه السمع بالطريق العظمى .


وهناك ايضاً ديفيد رايت الذي ولد في جوها نسبرج جنوب افريقيا عام 1920 م وقد احب الشعر والموسيقى منذ طفولته حيث اصيب بالصمم بسن الرابعة وكان يحمل في اذنية ذكريات الاصوات من ايام طفولته مما مكنه من الحديث واتاح ذلك له تنمية مواهبه ، سافر الى لندن للعلاج مع امه وازداد تعلقه بالشعر الذي شعر انه يعوضه عما فاته من الاصوات الخارجية وكتب الشعر وفي مدرسته الداخلية بالصم عانى الكثر من العذاب ولم يكن ينام الليل بل يسلي نفسه بتكرار ما حفظه من الشعر واكمل دراسته في جامعة اكسفورد حيث تخصص بالادب واللغة الانجليزية واصبح مدرساً واصدر 24 كتاباً شملت اعماله ومؤلفاته ودواوينه التي لا تزال تدرس لغاية الان في اكبر الجامعات العالمية .
ومن العرب هناك الكميت بن زيد الاسدي الذي ولد بالكوفة عام 60 هـ وهو منبر للشعر والخطابة ومدرسة للغات والثقافة اتقن الحديث النبوي وانساب العرب ليصبح معلماً في المساجد وهو مصاب بالصمم وحفظ القرآن قتل في خلافة مروان بن محمد عام 126 هـ وكان قد ترك حوالي خمسة الاف وثمانين بيتاً من الشعر وهناك الكثير امثالهم من المشاهير العرب والعالميين بالغرب .


واذا ما اسقطنا هذه الاعاقة على العديد من المسؤولين في الحكومات المتعاقبة فلقد اصبحت عاهة دائمة وسمة يتناقلها بعض المسؤولين من حكومة لاخرى فلقد اصبح الصمت والسكوت قاعدة عامة للذين اصبحوا ينتهجون ويطبقون هذه السياسة او الاستراتيجية الفذة في التعامل مع مختلف المشاكل والاحداث والقرارات او حتى الاعتداءات التي تطال الاردنيين كل ذلك تحت مسمى طنش ليصبح التطنيش والصمت قاعدة عامة كما تفعله النعامة عندما تدس رأسها بالرمال لا تريد لاحد ان يراها .

 

صحيح ان الصمت حكمة وهو لغة العظماء وصحيح ان السكوت من ذهب ولكن ليس الى غاية ان يتحول العديد من كبار المسؤولين الى اصم وابكم عن كثير من القضايا الوطنية معتبرين ان الصمت نصراً وفوزاً وحكمة وقد يطل علينا البعض الاخر منهم بتحليلات ويصبغ ويترجم هذا الصمت بجمل وكلمات واشعار ليتحول الصمت الى خطابات ورسائل مشفرة لا يفهما الا العباقرة من عبدة الحكومات وكأنها اللغة الخاصة بالصم والبكم لا يفهما الا من تتلمذ وتعلم لغة الاشارة في مدارسهم واحياناً تكون هناك لغة العيون او الايحاءات .


هناك فاسدون هاربون بمئات الملايين واخرين يصولون ويجولون مدعومين وصندوق تنمية المحافظات مكانك سر وهل من المعقول ان تكون خاتمة التفوق في هذا الوطن هو التعفن لحملة الشهادات العليا او ان نعرض عليهم عملاً في اماكن لا تليق بهم ولا بمستوى شهاداتهم مما يهدر طاقاتهم ويحطم آمالهم .


وما الحلول لقضايا الايتام والمشردين وغيرهم والاستراتيجيات التي اطلقت تحت الرعاية الملكية السامية كاستراتيجية التشغيل التي اطلقتها وزارة التخطيط بمئات الملايين واستراتيجية الفقر والبطالة والاستراتيجية الوطنية للشباب وغيرها الكثير من الاستراتيجيات .

 

بالامس صمت واليوم صمت وغداً صمت وضبابية تتناقلها الحكومات من جيل الى جيل ولا يظهر لنا منهم اي مبدع يستحق ان يذكره التاريخ .








طباعة
  • المشاهدات: 36717

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم