23-11-2013 11:16 AM
سرايا - الانسان بطبعه يحب نفسه فهو يتمنى لها الخير والمكانة المميزة ويحب لها الراحة والطمأنينة والبعض الاخر يتمنى لها المجد والقوة والشهرة والتمكين وتلك اشكال مختلفة تدل على مدى حبنا لذاتنا .
ولذلك ترانا نحب وتعشق من يمدحنا ويثنى علينا وهذه غريزة ولكننا في الغالب وفي المقابل نمقت او ننفر ونكره ممن يذكرنا بعيوبنا واخطائنا وعثراتنا فهناك كثير من الاردية التي نلبسها تحجب الكثير فلا نرى عيوبنا اشدها علينا أثراً هو الرداء الاكبر والذي يبنى ويغطي على عقولنا وقلوبنا غشاوة فلا نقر وندرك الا الجمال والكمال في انفسنا فقط وهذه الصفة هي رأس المصائب وأسوئها وانعكاساتها خطيرة وهي صفة ملازمة للشيطان فله فيها حق السبق والتميز ولذلك جاء في الحديث " الكبرُ بطرُ الحق وغمط الناس " والمعنى هو رد الحق والاستعلاء والتكبر على الناس وبخس مكانتهم واما الرداء الاخر الذي يلبسه لنا الاخرون من الناس فيحجبون عنا عيوبنا هو رداء المدح الموجه الى اصحاب المناصب لأنه يشعرهم بالرضى عن النفس ويخلق حاجزاً معنوياً وحساسية ضد النقد ونحن هنا لا نتحدث او نتكلم عن المدح المشجع او المحفز او الممزوج بالتوجيه بل عن مدح التملق للآخرين لغايات مكاسب شخصية والوصولية وهناك رداء آخر يحول بيننا وبين رؤية عيوبنا وهو التركيز على عيوب الاخرين ومحاولة تضخيمها وكأننا بطريقة غير مباشرة نحاول ان نقول اننا الافضل واننا خير واحسن منهم لأننا بغير عيوب او اقل منهم عيوباً ولنتأمل انفسنا جيداً حين نرى انجازاً فنجد ان عيون النقد تعمل وتحاول ان تجد العيب فيه فتلك خصلة متأصلة في الكثير .
ليست المشكلة في العيوب والاخطاء ولكن المشكلة تكمن فينا نحن وكيفية التعامل معها ومدى تقبلنا للنقد فنحن دائماً نسعى لاخفائها حتى عن انفسنا ولا نريد ان نعترف او نقر بها ولا نريد ان نتعامل مع ما يصوبها ويصححها ولا حتى مع من ينصحنا بالحلول الشافية واننا مهما بلغنا من العلم او المعرفة او المكانة او المنصب فهناك من هو اعلم منا وعبر التاريخ هناك عبر واضحة وجليلة .
ان الطريق الى الافضل والاحسن والاسلم الاخر يستلزم ان يكون حولك من يقدم الرأي المخالف الذي يذكرنا بعيوبنا واخطائنا ويقيم أداءنا ومسيرتنا وتلك ميزة ان لم تزيدنا شيئاً فانها لا تنقص منا شيئاً فالكمال لله وحده وكلنا خلقنا بعيوب وعلينا ان لا نتكبر لأننا في هذه الحياة نتعلم ونتعلم .
ولو اننا فحصنا انفسنا جيداً لوجدناها مليئة بالثقوب والتشوهات ولكننا نظل نكابر ونتعمد التجاهل عن عيوبنا ونبقى نبحث عمن يجملنا لكي نرضي غرورنا وحتى نتوهم أننا بلا عيوب واننا الصفوة والاخيار من البشر واننا بلا اخطاء وحين يأتي من يبصرنا بعيوبنا نعافه ونعاديه لأننا عشقنا انفسنا عشقاً نرجسياً وكما يقال اسمع كلام اللي يبكيك ولا تسمع كلام اللي بضحكك .
الانسان خطاء وخير الخطاؤون التوابون فليس عيباً ان نخطيء ولكن العيب ان نحاول تبرير الخطأ والتنصل منه والاصرار عليه والبعض وحسب تجربته في هذه الحياة لا يجيد الرد على النقد فتخرج الكلمات منهم سكاكين والاحرف خناجر لذلك يجب انتقاء عبارات الرد وان لا تخرج عن مسارها الصحيح لأن حرارة النقاش تفتح مساحات الحوار لا لمعالجة الامور تحت الستار ولا للاجندة المخفية بل للتصحيح للعيش في النور ولفتح النوافذ ليتجدد الهواء لنزرع المساحات تحت شمس هذا الوطن بخضرة ونماء ووفاء وانتماء .
ويا رب بصرنا وجند لنا من يبصرنا بعيوبنا .