حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,3 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 16694

هاشم نايل المجالي يكتب : الرسام والصورة .. والحكومة والشعب ؟؟

هاشم نايل المجالي يكتب : الرسام والصورة .. والحكومة والشعب ؟؟

هاشم نايل المجالي  يكتب : الرسام والصورة  ..  والحكومة والشعب ؟؟

19-11-2013 11:28 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - يحكى ان حاكم ايطاليا دعا فناناً تشكيلياً شهيراً وأمره برسم صورتين مختلفتين ومتناقضتين عند باب اكبر مركز روحي في البلاد .


الحاكم أمر الرسام بأن يرسم صورة ملاك ويرسم مقابلها صورة شيطان لرصد الاختلاف بين الفضيلة والرذيلة .


وقام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور وعثر على شاب في مقتبل العمر بريء جميل تطل البراءة والسكينة من وجهه المستدير .. وتغرق عيناه في بحر من السعادة .


ذهب معه الى اهله واستأذنهم في استلهام صورة الملاك من خلال جلوس هذا الشاب امامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي .


وبعد شهر اصبح الرسم جاهزاً ومبهراً للناس وكان نسخة من وجه الشاب مع القليل من ابداع الفنان ، ولم ترسم لوحة اروع منها في ذلك الزمان وبدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صورة الشيطان وكان الرجل جاداً في الموضوع لذا بحث لاعوام كثيره وطال بحثه واصبح الحاكم يخشى ان يموت الرسام قبل ان يستكمل التحفة التاريخية لذلك اعلن عن جائزة كبرى ستمنح لاكثر الوجوه اثارة للرعب والقبح والنفور .


وقد زار الفنان السجون .. والعيادات النفسية .. والحانات .. واماكن تواجد المجرمين والمشردين والعاطلين عن العمل ، لكنهم جميعاً كانوا بشراً وليسوا شياطين وذات مرة .. عثر الفنان فجأة على الشيطان وكان عبارة عن رجل سيء يبتلع زجاجة الخمر في زاوية ضيقة داخل حانة قذرة ، اقترب منه الرسام وحدثه حول الموضوع .. ووعده باعطائه مبلغاً كبيراً من المال فوافق الرجل وكان منظره قبيح وكريه الرائحة .. وكان عديم الروح ولا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عالٍ .. متنمرد .. شرس وفمه اصبح شبه خالي من الاسنان .


فرح به الحاكم لان العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنية الغالية .


جلس الرسام امام الرجل وبدأ يرسم ملامحه مضيفاً اليها ملامح الشيطان وذات يوم .. التفت الفنان الى الشيطان الجالس امامه واذا بدمعه تنزل على خده فاستغرب الموضوع .. وسأله اذا كان يريد ان يدخن او يحتسي الخمر ، فأجابه بصوت اقرب الى البكاء المختنق انت يا سيدي زرتني منذ أعوام حين كنت شاباً صغيراً في مقتبل العمر ، واستلهمت من وجهي صورة الملائكة وانت اليوم تستلهم مني صورة الشيطان ، لقد غيرتني الايام والليالي وضيق الحال حتى اصبحت نقيض ذاتي .


وانفجرت الدموع من عينيه وارتمى على كتف الفنان وجلسا معاً يبكيان امام صورة الملاك .
قال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ( 4 ) ثم رددناه أسفل سافلين ( 5 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ( 6 ) فما يكذبك بعد بالدين ) .


وهذا هو حال الشعوب العربية وبالخص شبابها بين وجوه الماضي لهذه الشعوب ( الشباب ) التي كلها براءة وسماحة وصدق والتزام ديني ووطني وبساطة وقناعة ووجوه الحاضر التي تغيرت معالمها مع السنين في ظل العولمة والشعارات الرنانة الممزوجة بالكذب والخداع والانانية وحب الذات ، انهما وجهان لعملة واحدة صورتان لشخص واحد بريشة الرسام والفنان التشكيلي الذي اترك لكم حرية اختيار شخصيته .


hashemmajali_56@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 16694

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم