20-10-2013 10:41 AM
سرايا - الجيل الجديد لا يعرف شيئاً عن تكنولوجيا التصوير الفوتوغرافي القديم فلقد كانت الافلام تطبع على شريط السليلوز ثم يتم تحميضها في غرفة مظلمة بإضاءة خفيفة جداً بلمبة حمراء وكانت تسمى هذه الغرف بالغرف المظلمة حيث كان الضوء الخطر الوحيد على الافلام عند تحميضها وطبعها ومع تكنولوجيا التصوير الحديثة لم يعد للظلام والغرف المظلمة اي ضرورة نتيجة التطور المستمر والابتكارات الحديثة حيث يتم اعطاؤك الصور مباشرة من خلال المكائن الحديثة والمتطورة مع كثير من الامتيازات والاضافات الاخرى .
ومع تكنولوجيا الاتصالات الجديدة لم يعد الاظلام والاخفاء والتكتم وما يصاحبه من خداع ولؤم صالحاً كاسلوب حياة فهذا العصر هو عصر الشفافية والوضوح فلم يعد هناك حاجة للغرف المظلمة ولا يشكل الضوء اي خطر فلقد اصبحت ترسل الصور من موقع الحدث مباشرة دون رتوش فلقد اصبحت التيارات السياسية باشكالها وانواعها والجماعات السياسية ايضاَ والتي كانت اجتماعاتها بالغرف المظلمة لقد اصبحت مكشوفة وافلام محروقة كذلك الامر فيما يخص الاجتماعات والقرارات والمبادرات السياسية فلقد ارغمت جميعها على الخروج الى الضوء فلم يعد هناك حاجة للاجتماعات بالغرف المظلمة فالصورة واضحة وفكرة اننا الافضل لم تعد سائدة في هذا العصر فلقد كانت فكرة المانيا فوق الجميع شعار هتلر وهذا اسلوب صدامي مع الاخرين كذلك هي المبادرات الانشقاقية المكشوفة الاهداف فكيف عندما يدعي صاحبها انه فوق الجميع ويستعين بمن يسانده بذلك فسيجد من يقاتله لمنعه ان يكون فوقهم والتواضع فضيلة اخلاقية خاصة عندما يكون بالفعل فبغياب التواضع تغيب عنك الرؤية الصحيحة وتصبح تتكلم مع الجدران وتظن انها تسمعك فلا يوجد الآن اساتذة لهذا العالم يوجد فقط استاذ لكل مادة على حدة وهم يصنعون انفسهم بدافع القناعة والفائدة والفهم فالشخص يصلح ان يكون فراشاً فقط في المكان الذي يعاني من نقص وازمة في الفراشين .
السياسيون هذه الايام يخرجون كل ما في جعبتهم دون مكياج او تجميل او غطاء يستر عورة المواقف او المباديء فلم يعد هناك ما يخفيه فكل شيء واضح فلا حاجة لغرفة مظلمة لتحميض فلم قيل سابقاً ان المباديء لا تتجزأ ولكنها في هذه الايام تتجزأ الى قطع صغيرة وتتلوث حسب الظروف والعرض والطلب .
ان الطمع للحصول على الموقع المتقدم اصبح الآن هو الذي يحدد الموقف ويتغير الموقف بتغير الموقع ان الديمقراطية مبدأ وسلوك وليس بالامكان ان تكون ديمقراطياً وانت في احد الاحزاب او المجموعات السياسية وغير ديمقراطي في موقع آخر فالجميع في هذه الحالة يصبح عراة امام عين التاريخ .
السياسة اليوم اصبحت لا تدار على وصفة تشرشل باعتبارها لعبة ليس لها مبدأ ولا موقف ولا على نظرية مكيافلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) السياسة والمواقف اليوم اصبحت لعبة تحقيق المصالح بأقصر الطرق وألطفها وهي من استخدام كافة وسائل الدعم والمساندة والمؤازرة اما لتحقيق هدف وغاية ومصلحة وطنية او لتحقيق غايات أخرى وحينما يتعلق الامر بتحقيق صفقة وضربة من العيار الثقيل لحزب ما او جماعة ما فان ذلك يعني ان تجري عملية جراحية ناجحة لكن بأدوات غير معقمة .
ان سلامة ونظافة الوسائل المستخدمة او الاشخاص المآزرون لتحقيق الهدف والغاية يكون في كثير من الاحيان اهم من انجاز الغايات .
اصبحت المبادرات متعرية ومكشوفة الاهداف والغايات واصبح المواطن على قدرة عالية من المكاشفة الحقيقية لواقع الامر حتى وان شارك بتلك المبادرات شخصيات من العيار الثقيل المتهالكة والمنتهي صلاحيتها والتي اصبحت غير مقبولة بالوسط السياسي او الاجتماعي او الفكري فهم شخصيات متخصصون بالجاهات والعطوات والمناسبات فقظ فهذا اخر مطاف عملهم .
hashemmajali_56@yahoo.com