15-09-2013 12:30 PM
سرايا - يقال في الكواليس ان حديثا جادا يدور عما تسمى خطط عاجلة للنهوض بالإعلام الأردني وتطويره ليواكب احداث العصر وتطوراته وليتماشى مع افكار واثار زمن التغيير , وليست هذه هي المرة الاولى التي يفتح فيها هذا المف الشائك , فكم مرة قيل أن الملف الإعلامي على الطاولة بانتظار شارة البدء لفتحه ومباشرة بحثه ودراسته واتخاذ قرارات بشأنه ,وكم مرة قيل أن سيناريوهات وتصورات توضع لهيكلة أو إعادة هيكلة قطاع الإعلام بهدف تحديد المرجعيات او توحيدها كخطوة اولى ,
وبالنتيجة تضاعف عدد المرجعيات ولم يفتح الملف جديا ولو مرة واحدة الا واعيد اغلاقه بدواعي (احباطية ) والشعور باليأس من امكانية تغيير اتجاهات العمل من الروتين الى الابداع ,بل ظل الملف على حاله رهينة أدراج وزراء الدولة في جميع الحكومات الأردنية ساخنا وحيويا وملحا ولكنه أؤجل دائما ورحل من حكومة إلى أخرى , وما من حكومة واحدة أقدمت على فتح الملف كاملا وبحثه باستفاضة بحيث تخرج بقرارات أو حتى مجرد توصيات تحقق الهدف الغامض ولكنه المطلوب بإلحاح ...,
دائما عولج الخلل بتغيير الأشخاص او بالانتقام منهم لاسكات المتذمرين من الجمهور ,ومما يؤسف له اننا وصلنا مستوى من عدم الثقة بالاعلام الاردني لدرجة التذمر منه حتى عندما لا نقرأه او نسمعه او نراه ,وفي اطار الطب الوقائي الشعبوي جرت عمليات مناقلات طريفة بين المدراء والرؤساء على غرار طربوش المختار في المسرحية الساخرة ,وكنا ولا زلنا ندرك أن الخلل ليس في الأشخاص وإنما في التصور الرسمي لغايات وأهداف الإعلام وبالتالي عدم فهم ومعرفة الهدف من أي تغيير سواء تعلق الأمر بالأشخاص أو بالتشريعات او بالخطط ,فمنذ العام 1993 وحتى يومنا هذا ونحن نعيش أزمة تسمى الخطاب الإعلامي الذي جمع بين تهمتين في آن معا ,فهو في عهد بعض الحكومات مارق ونمرود تجاوز الحدود ,وفي عهد حكومات أخرى مرعوب وعاجز عن أخذ ما أعطي له من حرية ,وما بين حانا ومانا تعرض الإعلام الأردني لهزات وظيفية وتشريعية لا زلنا لا نفهم سببا لها سوى الشعور الرسمي بالوصاية عليه وعلى العاملين فيه والرغبة بإبقائه على عصمة الحكومات وبنفس الوقت الاحتفاء في المحافل الدولية بإلغاء وزارة الإعلام كلما أقتضى الأمر تحت شعار الحريات واستقلالية الصحافة التي لم نمارسها فعلا بعد ,ولكننا نتغنى بها عند الاخرين ...
ما الذي تريده الحكومات من الإعلام الأردني بالضبط ,لا احد يعرف ,أما أسهل الإجابات أن يقال نريده إعلام دولة لا إعلام أشخاص ,ولكن أحدا من المنظرين بهذا الشأن لا يفسر لنا ما المقصود بإعلام الدولة وكيف يكون الفرق بينه وبين إعلام الحكومات ما دامت الحكومات هي التي تحاسب الإعلام إذا رفع راية الرقابة وأدى واجبه المهني البحت تجاه الدولة ,عندئذ يقال أن الإعلام مارق ولا بد من تأديبه بتغييرات في المواقع وبقوانين متلاحقة لم يختلف أحدها عن الآخر إلا لجهة تأكيد الوصاية ,وفي كثير من الأحيان ظهرت العصبية الشخصية في القانون المعدل وكأن من صاغ التعديل يحمل ضغينة تجاه الصحافة والإعلام بشكل عام ...
تريد الحكومات إعلاما أردنيا متفوقا في المنطقة,ولكن كيف,وهل المقصود بذلك مؤسسات الإعلام الرسمي بمؤسساته ,أم شركات الصحافة والبث الإذاعي والتلفزيوني الخاصة التي انتشرت مثل الصحف الأسبوعية مطلع التسعينيات ..! بالتأكيد هناك عتب رسمي على المؤسسات الإعلامية الرسمية أو شبه الرسمية بسبب البطء في مواكبة المستجدات الإعلامية,وهي مواكبة تطلبها جميع الحكومات فورا ولكنها تشترط بقاءها ضمن دائرة الوصاية الضيقة التي رسمت قبل عشرات السنين ولم تتغير أبعادها منذ إلغاء الأحكام العرفية عام 1989 ,يريدون مدراء للمؤسسات الإعلامية موظفين لا مبدعين ومن يحاول منهم الاجتهاد تكلفه الشجاعة وظيفته ويخرج فاشلا لم يحقق طموحات المشاهدين أو القراء ,فالمطلوب تلفزيون دولة منافس يشاهده الناس ولكن سقف الحرية المعطى له لا يسمح له أن يخرج ولو قليلا عن خطوط ما هو مجرب ومتعارف عليه ,بينما تأخذ هذه المبادرات الشركات الإعلامية غير الرسمية باعتبارها حرة بالفطرة أو ربما مارقة بحكم ملكيتها لأشخاص وليس للدولة المتشددة دائما مع ما يخصها ,ولذلك تكبر هذه المؤسسات شعبيا ومن الغريب ان تحظى بالثقة والقبول ولكن ليس الا من حساب الاعلام الرسمي لانه محروم حتى من المبادرة ...
علاج حمى الملف الإعلامي الساخن دائما لا يحتاج إلى قائمة بالأسماء يقلبها المعنيون يوميا فيشطبون هذا الاسم أو يضيفون ذاك ,وإنما إلى قائمة واضحة بأولويات الدولة الأردنية رغم وضوحها ثم - وفي تزامن مع ذلك – وضع بروتوكولات حقيقية وشجاعة لا تحدد أطراف مساحة الحرية المعطاة فتسيجها بالأسلاك الشائكة ,ولكنها تدرج قائمة الأهداف وتفسرها للمدراء والقائمين على إعلام الدولة ,فإذا كانت أهدافنا عظيمة ونبيلة - وهي كذلك – ,وما دامت أدواتنا مشروعة ,إذن لماذا الخوف من الطريقة التي نصل إلى غاياتنا ,فكل نجاح يقبل العثرات والأخطاء وربما الإحباطات أحيانا ,المهم أن نتحرك ولا نظل نشحن الهمم ولا نطلق شارة البداية .