22-05-2013 02:04 PM
سرايا - من المتعارف عليه ان القنافذ يغطي جلدها اشواك تحيط بها ، ويحكى ان كان هناك مجموعة من القنافذ تعاني من البرد الشديد فاقتربت من بعضها البعض وتلاصقت طمعاً في شيء من الدفء ، لكن اشواكها المدببة ( المشهورة بها ) قد آذتها فابتعدت عن بعضها البعض فأوجعها البرد القارص فاحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق وعذاب البرد ووجدوا في النهاية ان الحل الامثل هو التقارب المدروس .
بحيث يتحقق الدفء والامان مع أقل قدر من الالم ووخز الاشواك ، فاقتربت من بعضها البعض لكنها لم تقترب الاقتراب المؤلم وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطم أمنها وراحتها .
وهكذا يجب ان تفعل الدول العربية فيما بينها فكل دولة يحيط بها نوع من انواع الشوك المنظور والغير منظور يصيب من ينخرط معهم بغير حساب ويتفاعل معهم بغير انضباط لذا وجب علينا ان نتعلم تلك الحكمة من القنافذ الحكيمة فنقترب من الآخرين اقتراب من يطلب الدفء ونعطيه ونكون في نفس الوقت منتبهين الى عدم الاقتراب الشديد حتى لا نغرس شوكهم فينا .
فعلينا ان نحذر الاقتراب الشديد والانخراط الغير مدروس مع اي دولة أخرى لان ذلك قد يعود علينا بالألم والهموم نحن في غنى عنها ، ولطالما كانت الوحدة العربية والتي تعني بمضمونها طرح سياسي يراود الكثيرين من العرب على اختلاف مشاربهم السياسية ومعتقداتهم ومذاهبهم على اساس اتحاد او دمج بعض او جميع الدول العربية في اطار سياسي واقتصادي واحد ويزيل الحدود فيما بينها وينشيء دولة قوية اقتصادية وعسكرية وبشرية لتوفر الكثير والعديد من المقومات لذلك منها ( الارض ، اللغة ، العامل التاريخي ، العامل الديني والتراث الحضاري ... الخ ) حيث عاشت الاجيال العربية وهي تحمل معها حلم الوحدة العربية وظل هذا الحلم شعار وجزء من حياة الناس وعقائد الاحزاب القومية حيث قامت العديد من المشاريع الوحدوية العربية بين قطرين او اكثر كمصدر للقوة اهمها الجمهورية العربية المتحدة وهو الاسم الرسمي للوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وفي عام 1960 تم توحيد برلماني للبلدين في مجلس الامة في القاهرة حتى انتهت هذه الوحدة بانقلاب عسكري في دمشق عام 1961 وكذلك اتحاد الجمهوريات العربية والذي كان بين مصر وسوريا وليبيا في عهد انور السادات وحافظ الاسد ومعمر القذافي في عام 1971 وعلى اعتباره نواة لتحقيق الوحدة العربية الشاملة كذلك الجمهورية العربية الاسلامية وكانت بين ليبيا وتونس في عهد معمر القذافي والحبيب بورقيبة عام 1974 وكذلك ميثاق طرابلس الوحدوي بين مصر والسودان وليبيا عام 1969 ، والوحدة الاندماجية بين ليبيا ومصر عام 1972 والوحدة الاندماجية بين ليبيا وسوريا عام 1982 والاتحاد بين الاردن وفلسطين والذي انفرط بقرار فك الارتباط .
والاتحاد العربي الافريقي بين ليبيا والمغرب عام 1984 ثم مجلس التعاون العربي بين الاردن ومصر والعراق واليمن وانفرط بانقسام موقفها في حرب الخليج عام 1991 .
وكان هناك افكار ومشاريع وحدوية لم ترى النور مثل وحدة الهلال الخصيب وسوريا الكبرى وجميعها بائت بالفشل بغض النظر عن الاسباب والتي من اهمها الهيمنة الاجنبية على السياسة العربية بالاضافة لتضاؤل دور الجامعة العربية مع احتلال العراق وقيام الثورات في دول الربيع العربي والادوار التي تلعبها كل دولة عربية على حدى بهذا الشأن ، سمعنا هنا وهناك عن مشروع الكونفدرالية الاردنية الفلسطينية والكونفدرالية بمفهومها عبارة عن رابطة شركاؤها دول مستقلة ذات سيادة والتي تفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة او هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في العديد من المجالات دون ان يشكل هذا التشارك دولة او كيان وإلا اصبح شكلاً آخر يسمى بالفدرالية وتبدأ الكونفدرالية بمعاهدة وتنتهي بدستور مشترك وتنشأ الكونفدرالية للتعامل مع القضايا الحساسة وتقارب برلماني بين كلا البرلمانين من كلا الجانبين ليعج مجلس الامة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون طرح هذه الكونفدرالية قبل الاعتراف بدولة فلسطين ام انها المخرج لعدم الاعتراف بدولة فلسطين وحتى لا يكون لها اي سيادة فعلية وهل تحجيم كافة القوى السياسة في كلا الجانبين خطوة لطرح استفتاء مهروس حول هذه الكونفدرالية في ظل سكون وسكوت مقبع من كافة القوى السياسية في كلا الجانبين وهل هي الحل للسلطة الفلسطينية لتصدير أزمتها للاردن وبالتالي تصبح الدولة الفلسطينية التي حلم بها الفلسطينين وناضلوا من اجلها و ضحوا بالغالي والنفيس ليست سوى احلام واوهام وحبر على ورق خصوصاً للدور الذي يقوم به توني بلير وفريقة سرياً بين كافة الاطراف الفلسطينية والاسرائيلية والامريكية ليكون الحل اولاً واخيراً على حساب الاردن .
وكلنا يعلم ويقدر حجم الخطر المحدق بالاردن وحجم المؤامرة التي تحاك ضده ومن اطراف عديدة داخلية وخارجية والكل يعلم ان الاردن يعتبر صمام الامان وعامل الاستقرار في المنطقة وها نحن نشاهد دول مصر العربية ( دولة الاخوان المسلمين ) تخلق المعوقات في دعم الاردن من خلال قطع الغاز عن الاردن وخلافه من السماح لقياداتها بأثارة الفتن الداخلية في الاردن من خلال وسائل الاعلام كما صرح به العريان بالاضافة الى التقارب المصري الايراني كرسالة واضحة المعالم خاصة لدول الخليج العربي ولتكون مصر بديلة سوريا ، وتتجسد زيارة وزير السياحة المصري الى طهران بالرغم من عدم وجود علاقة سياسية حميمة بين مصر وايران .
ومن جانب آخر ما يعانيه الاردن من الجانب السوري ونظامه ونحن نرى حجم اللاجئين الهائل وما يترتب على ذلك من تكاليف مالية اثقلت الميزانية والامن المجتمعي وامن واستقرار الوطن خاصة من المندسين بين اللاجئين ، بالاضافة الى الضغوط وبدعم تركي ليكون الاردن راس الحربة في مواجهة النظام السوري تحت شعار خليجي الرجال من الاردن والمال منا وكخدمة مجانية مقدمة لاسرائيل لتدمير ما تبقى من سوريا بيد عربية .
وما هي الحراكات للتيارات المختلفة الا ضغط داخلي على القيادة الاردنية لزعزعة النظام وارغامه على الرضوخ لهذه المخططات خاصة في ظل تشرذم القوى الوطنية الاردنية وانشغالها بالصراع على الكراسي هنا وهناك .
ان سياسة افقار الاردن ومحاصرتها من كافة الجوانب واغراق الاردن باللاجئين السوريين وتصعيد الحراك الداخلي بوتيرة أعلى متذرعين باسباب مهما كانت فانها لن تصل الى حد الاخلال بأمن واستقرار الاردن ولا الى درجة اثارة الفتنة .
كل ذلك بوجود انقسامات داخلية في فلسطين بين القوى الفلسطينية وعدم اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية انما تم الاعتراف بها دولة غير عضو وهذا يعني عدم الاعتراف بالدولة .
وهل قيام هذه الكونفدرالية سيكون في صالح انعاش المفاوضات والطريق الى الحل السلمي وتحفظ الهوية الفلسطينية وهل هي مشروع مقدم لتذويب الهوية الاردنية ومن ثم الوطن البديل .
ولنتذكر دائماً حكمة القنافذ ... ؟؟؟
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-05-2013 02:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |