31-01-2010 04:00 PM
يبدو أنّ علّة العراق بالنخبة البعيدة عن التركيبة الاجتماعية التي لا تقنعها بأحقيتها و ما هي عليه، و ما يثير الانتباه أن الكل مستعد في العراق إلى الإدلاء بدلوه دون بيان علّة التفجيرات ، أي مركبات من فئات أعوزتها الثقافة الدينية والإنسانية تدمر العراق شعباً ووطناً ؟ فئات لا هدف لها سوى ضرب الوصاية على العراق ، وعدم تمكين الإنسان من حقوقه كاملة ، وعلى نقيض نظرة من لا يتحمل مسؤولية خياراته أمام ضميره ، وأمام الله نقول : إذا كانت النار لا تطفئ بمزيد من النار ، فهل يكفي تحديد مقاعد مجلس النواب المقبل بناءاً على نص المادة الأولى ، حتى وإن جاء التفسير منسجماً مع أحكام المادة (49) من الدستور ، هذا مع تقديرنا العميق للرجوع إلى الإحصاءات الرسمية في وزارة التجارة لعام 2005م ، سيما وأن هناك غياب إحصاء سكاني حديث ، لإضافة نسبة النمو السكاني بالمعدل الذي قرر بـ (2,8%) لكل محافظة سنوياً، نظراً لبعض الهجرات الحاصلة، والنتيجة لمجلس النواب المقبل أقرت بـ325 مقعد ، وحسب نص المادة الثانية من القانون فإن التوزيع جاء : (310) من المقاعد على المحافظات وفق حدودها الإدارية ، بحيث تكون عدد المقاعد التعويضية 15 مقعدا ، على أن تكون المقاعد الخمسة المخصصة للمكون المسيحي ضمن دائرة وطنية واحدة ، في حين منح الإقليم الكردي ثلاث مقاعد إضافية ، إلا أن التفجيرات التي وقعت في بغداد ( الثلاثاء الدامي ) أدت إلى وفاة 127 شخصا عدا عن إصابة حوالي 450 آخرين بجروح بعد يومين من الاتفاق على قانون ينظم ثاني انتخابات تشريعية منذ احتلال العراق عام 2003، ولم ينتهي مسلسل التفجيرات لغاية الآن ! والمدهش في المشهد العراقي الدامي ، أنه وبعد كل تفجير نجد التهم جاهزة ، لدرجة نكاد نلمس فيها "قواسم مشتركة" بين أصحاب المواقف السياسية والأمنية ، دون تحديد منطقة الحلال والحرام، مع تجميد مفهوم الإنسان ، ولعل العودة إلى تصريحات وزير العدل البريطاني السابق "بيتر غولدسميث" الذي ابلغ رئيس الوزراء توني بلير عام 2002 بأن حرب العراق تشكل مخالفة للقانون الدولي ، تبين بوضوح المحنة التي لا يدركها القادة العراقيين الآن ، و هي سيطرة أمريكا وأعوانها علي مجريات الأمور في بلادهم ، لهذا فإن القضية العراقية ليست مجرد رفع راية العصيان ضد المحتل ، وإنما إفشال الخطر الحقيقي والمتمثل في مصالح المحتل ، ولو كان الأمر عكس ما نقول : لكانت هناك لجنة وطنية قانونية مرتبطة بأجندة إنسانية قادرة على أن تقيم دعوى ضد بريطانيا وأمريكا ،وملاحقتهما قانونياً حسب ما جاء في القانون الدولي وميثاق روما ، أمريكا اليوم تمد يدها للبعث ! وما دام أن البعث ممكن سياسياً في نظر الأمريكان فلما الحرب على العراق، والزج بالجنود الغربيين في حرب قائمة على زيف وخداع الرأي العام الغربي و العالمي ؟ و الآن بعد أن تبين للجميع كذب الإدارتين الأمريكية والبريطانية بوجود أسلحة دمار شامل في العراق ، ماذا حدث ؟ ما حدث و يحدث يسهم في ترسيخ التبعية والوصاية ، والإرهاب المنظم ضد الشعب الذي لم يعد بفضل الديمقراطية العسكرية الأمريكية يجد قوت يومه ، لا بل لا يكاد يجد أي مقومات للحياة ، الهدف الواحد اليوم يكمن في كيفية الحفاظ علي المصالح المشتركة بين أبناء الشعب العراقي ، يجب أن تخجل النخبة السياسية ، وقد تصدر العراق المركز الثاني في عدد اللاجئين ! هنالك وصمة عار إنسانية وتاريخية على جبين كل من يشارك في العمل السياسي العراقي ولا يقدم للعرقين وللعراق شيئاً يذكر ، وهنا إذا كانت هنالك دول إقليمية محترمة تمد يد العون للعراق فيجب أن لا نشكك في نزاهتها ، إيران وأقولها من موقع المسؤولية الإنسانية والأمنية على المستوى العالمي : تريد عراق قوي قائم على الديمقراطية ضمن إطار الإنسانية والأمن الإنساني ، لأن في ذلك مصلحة إيرانية عليا ، وكذلك تركيا وسوريا والأردن ومصر ، إلا أن الشيء الواضح هو الخلل في المرجعية السياسية العراقية ، حيث أن لكل جريمة فاعل أصلي ، يتم تحديده بعد السير في التحقيقات ، نتحدث عن جرائم مزدوجة : جرائم ضد الجنس البشري ، وجرائم ضد الإنسانية ! والمرجعية السياسية ولغاية الآن لا تشكل النصّ التأسيسي لملاحقة المتورطين بالإرهاب ضد العراق سواء على مستوى الدول أو مافيا الجماعات والأفراد ، المواطن العراقي بلا دولة وبلا قانون وبلا مرجعية سياسية واقتصادية منظمة للحياة اليومية ، وبلا أمن ! ونحن إن ركزنا عملنا على تقصي مواقف المفكرين العراقيين، إلاّ أنّه ينبغي التذكير بأنّ موقف السياسة العراقية لا تتجلى مع المفعمين بروح الإنسانية والأمن الإنساني ، ولا حتى مع التشريعات الحديثة للبلدان الإسلامية والعربية ، بل إن مواقفها للأسف مجسّدة في الواقع المعايش عبر الإكراه الذي تمارسه القوى الأمنية وبرجوازي الحرب ، هذه حقائق ، ولعل من أهم العوامل التي أدت إلي فشل الإنسانية والأمن الإنساني في العراق هي الخيانة الداخلية وليست الحرب الخارجية فقط ! لأن هنالك تحوّلات طرأت على المجتمعات في المنطقة العربية والإسلامية ولا يمكن الإغضاء عنها ، حتى لا يتخلف العراق عقوداً إلى الوراء ، لهذا ليس من حق أي مذهب، أو طائفة، أو حزب أن يفرض تأويله السياسي وأن يحتكر النطق باسم العراق والعراقيين ، إنّ للإسلام هويته ولكنّها هويّة مركبة متعددة، واسعة، متغيرة متطورة ينتمي إليها كلّ المسلمين الذين هم مختلفون في تصورهم للإسلام وكيفيّة ممارسته أو التعامل معه.، فمنهم من يغلب في تصوره السياسي الجانب الأخلاقي، ومنهم من تجد عقليته مرنة سمحة منفتحة على من يخالفونه في المذهب والمعتقد، بل على الناس جميعاً، و هناك من يتعامل مع السياسة عبر إطار الدين باعتباره سياجا عقائديا، أو نسيجاً فكريا ، ومنهم من ينظر للدين أفقا روحيا أو فضاء ثقافيا باعتباره مساحة للتواصل الإنساني الحر الايجابي والفعل الحضاري الضروري للإنسانية جمعاء ، وكل هذا من شأنه أن يدفعنا إلى الإقرار بالتحوّل الطارئ على وظيفة الدين في هذا ا العصر ، ويقودنا كذلك إلى التزحزح عن المواقف القائمة على الطعن في حق الاختلاف وبكافة الشؤون الحياتية ، وإلى عدم الانحراف عن المواقف المرنة المنفتحة على الآخر ، لأن السياسة الشرعية على أن لا ينسف أحد الإرادة السياسية والحرمة الإنسانية والأمنية ، بل تقرَ للجميع بحقه في المغايرة المشروعة فوق أرضية الوطنية الإنسانية الجامعة ، وإذا كانت هذه التحولات تملي علينا إعادة النظر في المنظومة الدينيّة والسياسية الموروثة قصد تفهّمها ومراعاة تاريخيتها.، فمن المهم جداً أنْ نذكّر بقول الإمام عليّ "القرآن حمّال أوجه"، وقوله أيضا "القرآن خطّ مسطور بين دفتين لا ينطق وإنّما ينطق به الرجال"، والعراق التي حملت في رحم أرضها الطاهرة أئمة و علماء ، قادرة أن تنجب للأمة اليوم ، من يعيد التفكير في كثير من المسلمات التي برزت في العراق منذ الاحتلال البريطاني إلى الاحتلال الأمريكي سواء الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية وغيرها ، الشعب العراقي هو من أكثر شعوب المنطقة تهميشاً ، ومن حقه علينا دينياً وعربياً و إنسانياً ، وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية ، أن نتحمل جزء من المسؤولية وليس الانتقائية السياسية حسب المراحل ، وقد بات من الضروري التعاون الإقليمي والدولي من أجل الكشف عن حركة الإرهاب المنظم سواء من قبل الدول ذات السجل الإرهابي أو من قبل مافيا الأفراد والجماعات ، العالم أصبح اليوم متعدد الأقطاب ولم تعد لا أمريكا ولا غيرها صاحبة كلمة الفصل ، أمريكا دولة مثل باقي الدول ، تحاسب وتعاقب ، ألا يكفي أمريكا أنها الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي أبان الحرب العالمية الثانية وتسببت بأكبر كارثة إنسانية ، ما الذي قدمته أمريكا للإنسانية ، صدقوني كل ما في الوجود يحقد على أمريكا وإسرائيل ، حتى الأمريكان أنفسهم يحقدون على أمريكا ، كيف لا يحقدون على من تحقد عليها الأرض التي تحتضر والغلاف الجوي الذي أصبح في غرفة الإنعاش ، أمريكا أصبحت كارثة كونية وليست إنسانية فحسب ، وبكل ثانية تطالعنا بمأساة جديدة ، أنا لا أعرف أي مصير أسود ينتظرها؟ و إذا كان هنالك إرهاب فمن صنع الإرهاب ؟ وأكرر: نحن لا نريد أمن موسمي في العراق أو ضيف شرف بموجب الحالة السياسية ، نريد أمن حقيقي يعيد للعراقي دوره الإنساني ، ولن نقول وداعا يا عراق المجد والبطولة والإنسانية ، يا عراق الأعراق يا تاريخ الحضارات ، ولا بد أن يتدارك الجميع الخطأ ، وأمريكا التي زجت بنفسها وبالغرب بمكر وخداع تحسبه براعة واقتدار لتوسيع نطاق نفوذها لا بد وأن تدفع الثمن ، قانونياً وإنسانياً واقتصاديا وبشتى النواحي والمجالات ، التركيبة الاجتماعية في العراق أصبحت عنوان أي شيء عدا الإنسانية والأمن الإنساني ، ومع ذلك لن نقول وداعاً يا عراق ! خادم الإنسانية مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
31-01-2010 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |