بقلم :

بينما كان الجميع يراقب احتفالات العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بطقوس توديع العام 2011 واستقبال العام 2012 بعد تنازلي وصوت جماعي إلى العاب نارية وعروض مدهشة تفوق الوصف ، وشركات عالمية تستعد لتدشين خط إنتاج جديد ...كانت المواقع الإلكترونية في وطني تتبادل نقل خبر إغلاق مصنع رأس العبد ...

يا لها من صدفه ويا له من اسم ارتبط بذاكرة كل فقير منا رأس لم يسلم من انتهاء الصلاحية ، هل كنا طوال... السنوات السابقة نتحلى برأس غير صالح للاستهلاك البشري ؟ أم أن عدم الصلاحية جاءت فقط في الأيام الأخيرة من هذا العام ؟ أم أن للربيع العربي دوره في الكشف عن عدم صلاحية الرأس للاستخدام ؟ وان الظروف التي ينتج بها هذه الرؤوس هي ظروف غير مطابقة للمواصفات والمقاييس ،بمعنى ظروف غير صحية....

وأغلق رأس العبد ....بالشمع الاحمر

هل لأنه عبد فقط ليتم إغلاق رأسه عن التفكير وطلب الحرية والتخلص من العبودية...أم أن الرأس يحمل الكثير من الرمزية ...فقول الشاعر أني أرى رؤوس قد أينعت وقد حان قطافها...هل كان يقصد رأس العبد؟ وعند شعور الإنسان بالعزة والكرامة يرفع رأسه عالياً بكل شموخ.....هل يرفع رأس العبد ؟ ومن يصاب بالذل يطأطئ رأسه منكسراً معبرا عن حالة حزن أو فقدان عزيز...، وعندما يصدر القرار بإعدام احدهم فعلى الأغلب يكون إنهاء حياته بقطع الرأس ، وعندما يطلب احدهم الثأر من فلان فأنه يطلب رأسه....

رأس العبد لمن لا يعرفه هو قطعة من الشوكولاته على شكل رأس وهي فعلياً لا تشبه الرأس الطبيعي لأنه اقرب ما يكون لتله وجوفها مليء بالكريما البيضاء بينما قاعدته قطعة من البسكوت الهش سهلة الكسر ... رأس العبد أبو الكريما لا يمكنك تناوله دون أن يترك أثره على الشفاه التي قضمته وتعدت عليه ، وأحيانا قد يطال الأنف المرتفع بعضاً من الكريما ......فالقضاء على رأس العبد لن يمر دون ترك أثر على الفاعل ليسهل تميزه .....

تذكرت وأنا أقرأ خبر رأس العبد معلم التربية الوطنية في الصف السادس (ب) الذي ينهي درسنا عن الديمقراطية بعد تقسيمها إلى كلمتين وإعادتها إلى أصلها اليوناني بالربع ساعة الأولى من الحصة فقط لان تعريفها لا يحتاج إلى الكثير من الوقت ، ثم يصدر لنا أمرا بأن نضع رؤوسنا على الطاولة التي أمامنا ووجهنا للأسفل ولا نرفعها إلا بأمر منه ، وكان يجول بيننا ونحن مطأطيء الرؤوس وكل من يحاول أن يرفع رأسه ولو بحركة غير شعورية إلا وهبط على رقبته ذاك الكف الناري ، وأحيانا نفزع عندما يضرب بيده على طاولة احدهم بشكل مفاجئ هو مازحا ضاحكا ونحن نعيش الرعب على أصوله....

نحن مع إغلاق مصنع رأس العبد الفاسد ولكننا لسنا مع إغلاق رأس العبد الحر المطالب بفسحة من التعبير المطالب بكسر القيد ، المطالب بان يسمع صوته ويأخذ برأيه المنادي بمحاربة الفساد...

أغلقتم رأس العبد ولكن العبد لم يعد عبداً فزمن العبودية قد ولى إلى غير رجعة والكريما التي بداخله ستطال كل يد تمتد لقطعه وسيراها القاصي والداني وسيعرفون الجاني من المجني عليه .....

محمد البوعزيزي سبقنا إلى إغلاق مصنع رأس العبد في بلاده ,وأنهى أعواماً من العبودية ...ونحن لسنا عبيداً إلا لله ....حمى الله هذا الوطن وأهله من شر كل عبداً فاسد..