حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5428

فيصل تايه يكتب: في العيش المشترك : حين يختل الفهم في قراءة بعضنا

فيصل تايه يكتب: في العيش المشترك : حين يختل الفهم في قراءة بعضنا

فيصل تايه يكتب: في العيش المشترك : حين يختل الفهم في قراءة بعضنا

25-12-2025 12:13 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فيصل تايه
في وطن نشأ على تلاقي البشر واحتضان ابنائه ، يصبح التعايش فيه بديهة يومية تعكس حضارة المجتمع ووعيه ، ففي كل شارع، وفي كل زاوية من حياتنا المشتركة، يلتقي الناس على الاحترام المتبادل والعمل المشترك ، مؤمنين بأن قوة أي مجتمع تقاس بقدرته على جمع أبنائه، مهما اختلفت خلفياتهم ومعتقداتهم ، وما زال هذا الواقع المستقر يذكرنا دائماً أن الكلمة الطيبة، فعل إنساني يضيء مسار التعايش ويرسخ الروابط بين الناس.

عن الآخر أتحدث، عن جارك وزميلك وصديقك في الوطن، لا عن قضية دينية أو طائفية تحتاج إلى دفاع أو تأكيد ، فنحن لم نتعلم العيش معاً من النصوص أو الشعارات، بل من التجربة اليومية: من الشوارع، والمدارس، ومقاعد العمل، ومن لحظات الفرح والحزن التي شاركناها دون سؤال عن الانتماء أو العقيدة ، فالتعايش ليس كتابًا مغلقًا على رف التاريخ، بل نسيج يومي نلمسه في كل شارع وزاوية من هذا الوطن.

ومن هذا الواقع الطبيعي، يثير الاستغراب أن يعاد فتح باب النقاش عند البعض حول العلاقات التي تمثل جزءاً من حياتنا اليومية، وأن تقدم كأنها تحتاج إلى تبرير ، فالتعايش الذي عرفه مجتمعنا ليس مجرد اختيار مؤقت، بل جزء من الهوية التي تشكلت عبر سنوات من المشاركة والاحترام المتبادل.

ما يقلق حقاً ليس الاختلاف ، بل استدعاؤه عند البعض بشكل مستمر ليصبح قضية قابلة للشك، وحين تتحول كلمات بسيطة مثل التهنئة بالعيد إلى موضوع جدل، فإننا لا نحمي القيم، بل نضعفها ، لأن الدين، حين يفهم حق فهمه، لا يحتاج إلى تشديد مستمر، ولا إلى وساطة شك في نوايا الآخرين ، فالإسلام رسالة رحمة، وخلق الإنسان أمانة، ويجب أن يكون التعايش والسلام سائدين بين الجميع، لا وسيلة للضغط أو الفرض.

خطاب التحفظ المصطنع لا يخدم المجتمع، بل يزرع مسافة بين الناس ويعطي مساحة للأفكار السوداوية لتطفو على السطح ، وفي المقابل، الواقع يعلمنا أن التعايش الحقيقي يقوم على الثقة، والإحسان، والقدرة على إدارة الاختلافات بحكمة، فكل خطوة نخطوها معاً، وكل كلمة طيبة نطلقها، هي حجر جديد في بناء هذا الوطن ، لا أحد يملك حق تعطيل هذا البناء ، فنحن نعرف، من تجربتنا لا من تنظيرنا، أن المجتمعات لا تبنى بالريبة، ولا تستقر بالانغلاق ، تبنى بالثقة المتبادلة، وبالإحساس المشترك بالمسؤولية، وبالإيمان أن هذا الوطن لا يقوم إلا بكل من فيه، مهما اختلفت خلفياتهم وتفاصيلهم.

لسنا مطالبين بأن نكون نسخة واحدة، ولا أن نتشابه في كل شيء، لكننا مطالبون بأن نحمي ما هو أعمق من التشابه : القدرة على العمل معاً ، والعيش معاً، وبناء هذا البلد بيد واحدة، كل من موقعه، وبما يملك من طاقة وهمة ومسؤولية.

التعايش الذي يحتاج إلى تبرير ليس في حقيقة وجوده، بل في الجدل الذي يفتعل حوله ، الواقع يثبت يومياً أن الوحدة والتعاون والاحترام المتبادل أقوى من كل الشكوك المصنعة، وأن رسالة الدين الحقيقية رسالة إنسانية قبل كل شيء، جاءت لتكون رحمة، لا سبباً للفرقة.

عن الجميع أتحدث، عن كل من يشكل نسيج هذا الوطن، وعن كل من يريد أن يعيش بسلام، مؤمناً بأن القوة ليست في التفرد أو السيطرة، بل في القدرة على العمل معًا، والعيش معاً ، والبناء يداً واحدة، على قاعدة الاحترام والوئام والثقة المشتركة.

التعايش الذي يحتاج إلى تبرير ليس تحدياً للهوية، بل اختباراً لوعي المجتمع ، ومن يثق بمبادئه، لا يخاف من الآخر، ومن يعرف وطنه، لا يسمح لأي صوت سوداوي أن يفرق بين أبنائه ، فالكلمة الطيبة مثل الضوء ، لا يمكن أن تضرّ من يقف في الظل، بل تنير المكان كله، وتذكرنا بأن التعايش الحقيقي هو اختيار واع ومسؤولية جماعية، وليس قضية تحتاج إلى إذن أو دفاع .
والله ولي التوفيق











طباعة
  • المشاهدات: 5428
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-12-2025 12:13 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنجح إدارة ترامب وحكومة الشرع في القضاء على "داعش" بسوريا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم