25-12-2025 09:06 AM
بقلم : روشان الكايد
في ظلّ تصاعد وتيرة التصريحات الصادرة عن إدارة ترخيص السواقين والمركبات، والمتعلقة بالتشدد في تطبيق القانون وحجز المركبات المخالفة، يجد الشارع الأردني نفسه أمام معادلة دقيقة تجمع بين هيبة القانون من جهة، والواقع الاقتصادي والاجتماعي الضاغط من جهة أخرى .
لا خلاف على أن تنظيم قطاع المركبات وضبط المخالفات المرورية ضرورة وطنية، تندرج في إطار السلامة العامة، وحماية الأرواح، والحفاظ على النظام العام .
فالقانون حين يُطبّق بعدالة وانتظام، يشكّل ركيزة أساسية من ركائز الدولة، ويعزز الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية .
غير أن الإشكالية لا تكمن في مبدأ التطبيق ذاته، بل في توقيته وحدّته، ومدى مراعاته للظروف الاستثنائية التي يعيشها المواطن اليوم .
فالضغط الاقتصادي المتراكم، وارتفاع كلف المعيشة، وتراجع القدرة الشرائية، جعلت من الالتزامات المالية بما فيها رسوم الترخيص والغرامات عبئاً إضافياً على شريحة واسعة من المواطنين .
وفي هذا السياق، فإن اللجوء إلى إجراءات صارمة كحجز المركبات قد يُفهم قانونياً، لكنه اجتماعياً قد يزيد من حالة الاحتقان، ويُفاقم شعور المواطن بالضيق بدل أن يدفعه للامتثال الطوعي .
من هنا، تبرز الحاجة إلى مقاربة أكثر توازناً، لا تُضعف سلطة القانون، ولا تتجاهل الواقع المعيشي، فالدولة القوية لا تُقاس فقط بقدرتها على الردع، بل أيضاً بقدرتها على استيعاب مواطنيها، واحتواء أزماتهم .
وعليه، فإن فتح باب العفو عن مخالفات الترخيص، أو تخفيض غرامات التأخير، أو إتاحة جداول تقسيط مرنة، يشكّل خطوة حكيمة تُخفف الضغط، وتعيد بناء جسور الثقة بين المواطن والإدارة .
إن اعتماد سياسة العفو المؤقت أو المعالجات الاستثنائية في أوقات الضغط الاقتصادي ليس سابقة، بل ممارسة معمول بها في العديد من الدول، باعتبارها أداة تهدف إلى تحصيل الرسوم دون صدام، وتحقيق الامتثال دون قسر، وهي رسالة مفادها أن الدولة حاضرة بالقانون، ولكنها حاضرة أيضاً بالرحمة .
في المحصلة، يبقى المطلوب اليوم قراءة المشهد بعيون سياسية وإدارية واعية، تُدرك أن إنفاذ القانون لا ينفصل عن السياق العام، وأن العدالة لا تكتمل دون مراعاة البعد الإنساني؛ فحين يشتدّ الضغط، يصبح العفو ليس تراجعاً، بل تعبيراً عن حكمة الدولة وقوتها الناعمة .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-12-2025 09:06 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||