سرايا - عندما يحل فصل الشتاء في معظم أنحاء العالم، تقدم المملكة العربية السعودية لزوارها خياراً فريداً يجمع بين دفء الشمس في المناطق الساحلية والصحراوية، والأجواء الباردة والمنعشة في المرتفعات الجبلية، بالإضافة إلى مجموعة مذهلة من التجارب الثقافية والمغامرات التي لا تُنسى. لم يعد الشتاء في السعودية مجرد موسم عابر، بل أصبح موسماً سياحياً رئيسياً، حيث يعتدل الطقس ليصبح مثالياً للتخييم والمشي واستكشاف الكنوز التاريخية والطبيعية التي تزخر بها المملكة، بعيداً عن حرارة الصيف القاسية.

دفء التاريخ وجمال الطبيعة في واحة العلا تُعد منطقة العلا، شمال غرب المملكة، الوجهة الأبرز التي تستقطب الزوار في الشتاء، بفضل طقسها المعتدل والمنعش نهاراً. تتميز العلا بكونها متحفاً أثرياً مفتوحاً، حيث يمكن للزوار استكشاف مدينة الحِجر (مدائن صالح) القديمة، وهي موقع للتراث العالمي لليونسكو يعود لحضارة الأنباط. إلى جانب التاريخ، تشتهر العلا بجمالها الطبيعي المذهل، خاصة صخرة الفيل (Elephant Rock) والتكوينات الصخرية الرملية الفريدة التي تتلألأ تحت سماء الشتاء الصافية. تستضيف المنطقة أيضاً فعاليات فنية وثقافية عالمية المستوى في قاعة مرايا، وهي قاعة حفلات مغطاة بالكامل بالمرايا وتندمج بذكاء مع البيئة الصحراوية. هذه التجارب تجعل من العلا ملاذاً شتوياً يجمع بين الاستكشاف الثقافي والمغامرة في الهواء الطلق.


وجهات دافئة للهدوء والاستجمام على الساحل بالنسبة للباحثين عن الدفء الشتوي والاسترخاء على شاطئ البحر، تقدم المناطق الساحلية في المملكة خيارات ممتازة. تُعد جدة، "عروس البحر الأحمر"، وجهة مثالية، حيث يكون الطقس معتدلاً ومناسباً للتنزه على الكورنيش والاستمتاع بمناظر البحر الأحمر. كما يمكن للسائحين الانغماس في الحياة الثقافية لـ منطقة البلد التاريخية (جدة القديمة)، المدرجة في قائمة اليونسكو، والتي تنبض بالحياة في الأجواء الشتوية اللطيفة. أما المناطق الساحلية الأخرى على البحر الأحمر، مثل تلك التي تشهد تطوير مشاريع البحر الأحمر السياحية، فتوفر فرصة للغوص والغطس في مياه دافئة نسبياً واكتشاف الشعاب المرجانية البكر بعيداً عن الازدحام.

مغامرات التخييم والمشي في قلب الصحراء والجبال يُعد فصل الشتاء هو الوقت المثالي للانطلاق في مغامرات التخييم والمشي الجبلي في التضاريس الداخلية والجنوبية. في المناطق الصحراوية حول الرياض، يصبح التخييم تجربة لا تُنسى، حيث يمكن الاستمماع بالهدوء المطلق، ومراقبة النجوم بوضوح مذهل، والاستمتاع بأجواء النار والدفء في الليالي الباردة. ومن الوجهات المفضلة للمغامرة في الشتاء أيضاً مرتفعات أبها في منطقة عسير، رغم برودة طقسها، حيث توفر مناظر طبيعية جبلية خلابة، ومسارات للمشي بين الغابات والوديان. التباين بين هذه المناطق من الدفء الساحلي إلى برودة المرتفعات يُمكن المسافر من تصميم رحلة شتوية متنوعة تلبي كافة الاهتمامات، سواء كانت تاريخية، أو بحرية، أو برية.

في الختام، لم تعد السياحة الشتوية في السعودية مقتصرة على الأماكن المغلقة؛ بل أصبحت موسماً لاكتشاف كنوز المملكة الطبيعية والتاريخية. من عظمة الحِجر وفعاليات العلا المترفة، إلى هدوء شواطئ جدة والدفء الممتع في التخييم الليلي بالصحراء، تقدم السعودية مجموعة من التجارب المتكاملة. إن شتاء المملكة هو دعوة للمسافرين لارتداء ملابس مناسبة للطقس المعتدل والانطلاق في مغامرات لا تُنسى تحت سماء صافية ودافئة.