14-12-2025 09:58 AM
بقلم : الدكتور عناد ابو زيد
منذ سنوات عديده، يؤكد جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه على ضرورة تحديث القطاع العام وتعزيز كفاءته، قائلًا: "لا بد من الإسراع في تحديث القطاع العام، وصولًا إلى إدارة عامة كفؤة وقادرة على تقديم الخدمات النوعية للمواطنين بعدالة ونزاهة. وهذا نهج يجب أن يلتزم به كل مسؤول وموظف" من اقوال جلالة الملك في خطاب العرش السامي.
ان تطوير وتحديث القطاع العام اليوم أصبح ضرورة ملحةً أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحديات المتراكمة التي تواجه الإدارة الحكومية.وعلى الرغم إدراك الجميع لحاجة القطاع العام إلى الإصلاح، إلا أن الواقع يكشف أن هذا الملف ظل يُرحَّل من حكومة إلى أخرى، دون إجراءات حقيقية تتناسب مع حجم التحدي. فالحديث عن التطوير والهيكلة يتكرر، لكن أثره على أرض الواقع يبقى محدودًا، الأمر الذي يربك العمل المؤسسي ويعكس غياب رؤية واضحة وبوصلة ثابتة للإصلاح الإداري.
إن تطوير القطاع العام لا يبدأ بتغيير الهياكل أو دمج المؤسسات فحسب، بل يبدأ أولًا بتغيير سلوك ومنهجية القائمين على إدارة مؤسسات الدولة. فالقيادات الإدارية هي حجر الأساس في أي عملية تحديث، وإذا لم تتغير طريقة التفكير، فلن تتغير النتائج مهما كانت الخطط طموحة.وما زالت الإدارة الحكومية في بعض المواقع تعاني من تأثير العقلية العشائرية التي تقدّم الانتماء الضيّق على الكفاءة، وتعطي الأولوية لأبناء العشيرة ثم أبناء المحافظة في سلم الترشيحات والاختيارات على حساب الوطن وابناءه. هذه الذهنية تقف عائقًا أمام تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، وتؤثر سلبًا على نوعية مخرجات الجهاز الإداري. وفي نظري فإن مواجهة هذا النهج الإقصائي ينبغي أن تكون في مقدمة أولويات الإصلاح الإداري. فمتى ما نجحنا في تعزيز ثقافة المواطنة، وتقديم الكفاءة على الواسطة، ومنح الفرص لأصحاب الخبرة والمعرفة الذين طالهم التهميش، سنكون حققنا خطوة نوعية في طريق الإصلاح الحقيقي. فبناء جهاز إداري مهنيّ وشفاف يعني بالضرورة القضاء على المحسوبية وضمان وصول الأكفأ إلى مواقع صنع القرار.عندها فقط يمكن القول إننا وضعنا اللبنة الأساسية لتطوير القطاع العام، الذي يشكّل العصب الرئيس لعمل الدولة وفاعلية أجهزتها. ففضاء الوطن أوسع من الانتماءات الضيقة، وأسمى من التقوقع حول الفرد أو العشيرة. والإدارة الحديثة لا تُبنى إلا بالعقول المنفتحة والكفاءات المؤمنة بأن الأردن أكبر من كل الفئات وأجمع من كل الانتماءات.
الدكتور عناد أبو زيد
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-12-2025 09:58 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||