26-11-2025 03:52 PM
بقلم : أمجد العواملة
الإنسان بطبيعته يطمح إلى الاستقرار؛ بيت يؤويه، سيارة تنقله، علاج يحميه، تعليم يفتح أمامه أبواب المستقبل، ومصدر دخل يضمن له الكرامة. هذا هو الحلم البسيط الذي يرافق كل إنسان منذ فجر التاريخ. لكن في الأردن، هذا الحلم صار جريمة، والاستقرار صار كابوسًا يطارد المواطن في بيته وسيارته ومدرسته ومستشفاه.
البيت الذي يُفترض أن يكون ملاذًا صار سجنًا للفواتير؛ كهرباء وماء وهاتف وإنترنت، حتى أصبح المواطن لا يحب بيته لأنه يذكّره بالدين والهموم. والسيارة التي اخترعها العالم لتسهيل الحياة تحوّلت إلى وسيلة نكد، يقودها المواطن وهو يشعر أنه يقود همومه، وكل إشارة مرور فاتورة جديدة. وحتى لو نجا من الفواتير، فإنه يقع في أزمة المرور الجنونية؛ شوارع مزدحمة بلا نظام، إشارات تتحول إلى ساحات صراع، وسائقون يسبحون بأصابعهم ويصرخون كأنهم في معركة يومية. الطريق لم يعد وسيلة وصول، بل مسرحًا للفوضى والضياع.
أما العلاج، ففي المستشفى العام يُعطى الموعد بعد الوفاة، وفي المستشفى الخاص الفاتورة أسرع من الموت نفسه، فيمرض المواطن مرتين: مرة بجسده ومرة بجيبه. التعليم الذي يُفترض أن يبني المستقبل صار طريقًا للسجون والضياع؛ المدارس تثقل الآباء وتشتت الأبناء، والجامعات تفتح أبواب البطالة بدل أبواب النجاح. أما مصادر الدخل فهي في يد الفئة المتنفذة، بينما باقي الشعب له الذل والهوان، يعمل ليعيش لكن عمله لا يكفي إلا لإطعام الفساد.
الاستقرار في الأردن يشبه السراب؛ كلما اقترب المواطن منه ابتعد أكثر. البيت دفتر فواتير، السيارة وسيلة نكد، العلاج موعد بعد الوفاة، التعليم طريق للبطالة، المرور جنون يومي، والدخل في يد المتنفذين. المواطن الأردني لا يعيش حياة، بل يعيش فلسفة ساخرة: أن تحلم بما هو طبيعي، ثم تكتشف أن الحلم نفسه صار حرامًا.
الوطن غني… المواطن مُفقَر.
الحلم ممنوع… والكرامة مؤجلة.
امجد العواملة
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-11-2025 03:52 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||