حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,27 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4723

الزعبي يكتب: الإرهاب .. بين التاريخ والأساليب الحديثة: دروس من عملية الرمثا

الزعبي يكتب: الإرهاب .. بين التاريخ والأساليب الحديثة: دروس من عملية الرمثا

الزعبي يكتب: الإرهاب ..  بين التاريخ والأساليب الحديثة: دروس من عملية الرمثا

26-11-2025 01:31 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي محمد عيد الزعبي
الإرهاب يشكل أحد أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، ليس فقط لما يمثله من تهديد مباشر للأفراد والمؤسسات، بل لما يحمله من قدرة على زعزعة الأمن النفسي والاجتماعي، ونشر الرعب في أوساط الناس. هذه الظاهرة المعقدة لا تولد في فراغ، بل تتشكل غالباً داخل بيئات محددة، وقد تنتقل أفكار التطرف داخل العائلات والمجتمعات إذا لم يتم التعامل معها بالوعي والمتابعة المستمرة.

الأحداث الأخيرة في لواء الرمثا تمثل نموذجاً حياً للجهود الاستثنائية التي تبذلها الأجهزة الأمنية كافة، من قوات خاصة، إلى وحدات استخبارات ومتابعة ميدانية، لضمان حماية المواطنين والحفاظ على الأمن العام. فقد نفذت هذه الأجهزة عملية دقيقة استهدفت عناصر إرهابية مطلوبين في قضايا خطرة، وانتهت بمواجهة مسلحة أسفرت عن مقتل شقيقين من المطلوبين. هذا الأداء يعكس درجة عالية من الاحترافية، الاستعداد الدائم، والقدرة الاستباقية التي تمتلكها أجهزة الأمن، ويؤكد أن العمل المنسق بين مختلف الوحدات هو الضمان الحقيقي للاستقرار والأمان.

من اللافت أن العائلة المستهدفة لها سجل تاريخي مرتبط بالقضايا الأمنية، فقد قُتل والد هؤلاء الإرهابيين في عملية سابقة، ما يوضح أن التطرف قد يكون متوارثاً أو مستمداً من بيئات معينة إذا لم تتم مواجهته بشكل منهجي. هذه الحقائق تؤكد أهمية متابعة البيئات المشبوهة، والعمل على تعزيز الوعي المجتمعي، لأن الوقاية من الإرهاب تبدأ من المجتمع نفسه وتستمر بالتعاون الوثيق مع الأجهزة الأمنية.

سلوك العناصر الإرهابية في عملية الرمثا، الذي تمثل في إطلاق النار فور وصول القوة، يعكس تشدداً واستعداداً للمواجهة المباشرة، ما يزيد من صعوبة المهمة الأمنية ويؤكد الحاجة إلى استراتيجيات استباقية متكاملة تجمع بين المعلومات الدقيقة، التحليل المستمر، والقدرة على التنفيذ السريع. الأجهزة الأمنية أظهرت في هذه العملية قدرة فائقة على التنسيق، ضبط النفس، وحماية المدنيين، وهو درس واضح في الاحترافية والتفاني في أداء الواجب.

إلى جانب الأداء الأمني المتميز، فإن مكافحة الإرهاب تتطلب بعداً ثقافياً واجتماعياً. نشر قيم التسامح، وتعزيز ثقافة الحوار، وتوفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية، كلها أدوات وقائية تمنع بيئات التطرف من التكون أو الانتشار. فالأمن وحده لا يكفي إذا غاب الوعي والمجتمع عن مواجهة الفكر المتطرف، والأجهزة الأمنية ليست وحدها، بل المجتمع كله جزء من منظومة الحماية.

كما أن الإرهاب غالباً ما يمتد عبر شبكات محلية وإقليمية ودولية، مما يجعل التعاون الإقليمي والدولي ضرورياً لتعقب هذه الشبكات وتفكيكها قبل أن تمتد أعمالها إلى الداخل. وهذا يتطلب سياسات أمنية شاملة، تجمع بين الاستباقية، المشاركة المجتمعية، والتعاون الدولي، لضمان أمن مستدام.

إن عملية الرمثا وما سبقها من عمليات تؤكد أن مواجهة الإرهاب مسؤولية مشتركة تتطلب تكاملاً بين الأجهزة الأمنية كافة والمجتمع، ومتابعة مستمرة للبيئات الاجتماعية والثقافية. الفشل في أي من هذه الجوانب يترك فراغاً يمكن للجماعات المتطرفة أن تستغله، بينما العمل المشترك والتخطيط الدقيق يوفران حماية حقيقية للأمن العام واستقرار المجتمع.

في الختام، لا يمكن إلا أن نشيد بالإصرار والتفاني والاحترافية التي أظهرتها الأجهزة الأمنية كافة، فهي الدرع الواقية للمجتمع، والسد المنيع أمام الإرهاب، والعمل الدؤوب لأفرادها يمثل ضماناً لاستمرار الأمن والاستقرار، وحماية الأجيال القادمة من خطر التطرف والإرهاب.








طباعة
  • المشاهدات: 4723
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-11-2025 01:31 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم