حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,27 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4118

مؤيد المجالي يكتب: هل كانت الثورة العربية الكبرى حرباً بالوكالة؟

مؤيد المجالي يكتب: هل كانت الثورة العربية الكبرى حرباً بالوكالة؟

 مؤيد المجالي يكتب: هل كانت الثورة العربية الكبرى حرباً بالوكالة؟

26-11-2025 10:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : مؤيد المجالي
قامت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي في سنة (1916) ضد الدولة العثمانية، ويمكن تلخيص أهدافها على النحو التالي:
أولاً: الاستقلال عن الدولة العثمانية: لقد كان الهدف المركزي للثورة هو تحرير البلاد العربية من الحكم العثماني بعد تدهور أوضاع الدولة، وممارسات التتريك والتضييق على العرب، خاصة بعد وصول جمعية الاتحاد والترقي إلى السلطة.
ثانياً: إقامة دولة عربية موحدة: لقد سعى الشريف حسين بن علي إلى تأسيس دولة عربية مستقلة وموحدة تمتد في المشرق العربي، على أساس الانتماء القومي العربي.
ثالثاً: الدفاع عن اللغة والثقافة والهوية العربية: لقد هدفت الثورة إلى الحفاظ على اللغة العربية وحمايتها من سياسات التتريك التي استهدفت الإدارة والتعليم، وإحياء الروح القومية العربية.
رابعاً: تحسين أوضاع الشعوب العربية، وذلك بإنهاء الظلم والتعسّف الإداري، وإقامة حكم قائم على العدل والحرية، وتطوير أنظمة الإدارة والتعليم وقوات الأمن.
خامساً: التحالف الدولي للحصول على الاعتراف: من الناحية السياسية، هدفت الثورة أيضاً إلى الحصول على اعتراف دولي بالدولة العربية من خلال التواصل مع بريطانيا (مراسلات الحسين – مكماهون).

وفيما يلي نقدم قراءة نقدية في واحدة من أكثر محطات التاريخ العربي أهمية وجدلاً، فما زالت الثورة العربية الكبرى، رغم مرور أكثر من قرن على وقوعها، محوراً لجدلٍ تاريخي وفكري لا يهدأ؛ فبين من يراها لحظة تحرر قومي من الاستبداد العثماني، ومن يعتبرها مشروعاً عربياً أصيلاً، يقف طرحٌ ثالث لا يقل حضوراً وهو: هل كانت الثورة حرباً بالوكالة عن الحلفاء ضد الدولة العثمانية؟
إن هذا السؤال ليس مجرد سجال أكاديمي، بل هو مساءلة لعمق فكرة السيادة والقرار العربي في لحظة مفصلية من تاريخ المنطقة العربية.

أولاً: سياق عربي مشحون… قبل الحرب العالمية الأولى
من الخطأ قراءة الثورة بوصفها ابن اللحظة الدولية وحدها. فقبل اندلاع الحرب بسنوات، كان الوطن العربي يعيش تحولات عميقة:
- صراع بين الهوية العربية وسياسات التتريك.
- إعدامات جماعية لقادة عرب في بيروت ودمشق.
- ضعف التمثيل العربي في مؤسسات الدولة.
- سيطرة المركز العثماني على القرار المحلي.
إن هذه الظروف ولّدت حركة عربية قومية لها رموزها وجمعياتها، ما يعني أن الثورة لم تُخلق في غرف المخابرات البريطانية، بل كانت لها جذور محلية واضحة.

ثانياً: الحلفاء في الحرب العالمية الأولى … لهم مصلحة استراتيجية أكثر منها شراكة
لا يمكن إنكار أن بريطانيا وجدت مصلحتها في الثورة العربية، فالدولة العثمانية كانت حليفاً لألمانيا، والسيطرة على المشرق العربي عنصر أساسي في الاستراتيجية البريطانية، ومن هنا ظهرت مراسلات الحسين – مكماهون، التي قدمت وعوداً واسعة باستقلال العرب، وبدأ الدعم المالي والعسكري يتدفق، لكن هذا الدعم لم يكن تعبيراً عن تحالف متساوٍ، بل عن تقاطع مصالح مرحلي:
- العرب يريدون الاستقلال، وبريطانيا تريد إسقاط "الرجل المريض".
- كل طرف دخل المعركة بدوافعه الخاصة.

ثالثاً: هل فقد العرب استقلال قرارهم؟
يعتمد تقييم الثورة كـ"حرب بالوكالة" على معيار واحد أساسي: من كان يملك القرار السياسي والعسكري؟
بوضع الوقائع أمامنا:
- القرار بإشعال الثورة كان عربياً خالصاً بقيادة الشريف حسين بن علي.
- قيادة العمليات العليا كانت بيد الأمراء العرب: فيصل، عبدالله، علي.
- بريطانيا كانت داعماً، لكنها لم تكن صاحبة القرار النهائي.
- العرب خاضوا مفاوضات شاقة لإثبات حقوقهم بعد الحرب، وهو ما لم يكن ليحدث لو كانوا مجرد أداة بيد الحلفاء.
إذن، القول بأن الثورة كانت "بالكامل" حرباً بالوكالة تبسيط مخلّ.

رابعاً: أين وقع الخلل؟
المشكلة لم تكن في لحظة الثورة، بل في ما بعد الثورة.
فبدل قيام الدولة العربية الموحدة، فرضت سايكس – بيكو واقعاً جديداً، ومنحت بريطانيا وعد بلفور، وقُسم المشرق العربي إلى كيانات صغيرة.
وهكذا وجد العرب أنفسهم قد أسقطوا الدولة العثمانية، لكنهم لم يحصدوا كامل ثمار الثورة، وهذا ما أعطى أعداء الثورة حجةً قوية لاعتبارها "خدمة مجانية" للحلفاء.
ومع ذلك، فإن النتائج المتأخرة لا تُغيّر أصل الدافع الأول: العرب ثاروا من أجل أنفسهم، لا من أجل بريطانيا.

خامساً: الثورة العربية بين التاريخ والسياسة
إن تقييم الثورة العربية الكبرى بمعايير سياسية معاصرة — مفاهيم مثل "الحرب بالوكالة" — قد يُنتج قراءة مغلوطة.
فمصطلح الحرب بالوكالة، كما نفهمه اليوم، يقوم على:
- فقدان القرار،
- تبعية كاملة،
- تنفيذ سياسات طرف خارجي.
وهذه الشروط لا تنطبق على الثورة العربية بالكامل.
نعم، استفاد الحلفاء من الثورة.
نعم، خذلت بريطانيا العرب.
لكن القرار بقي عربياً، والأهداف كانت عربية، والقيادة عربية.

الخلاصة: ثورة عربية أصيلة… لكنها استُخدمت دولياً
- الثورة العربية الكبرى لم تكن حرباً بالوكالة، لكنها تحوّلت في نتائجها إلى معركة استفاد منها الحلفاء أكثر من العرب.
- إنها ثورة عربية حقيقية في دوافعها، لكنها وقعت في لحظة دولية شديدة التعقيد جعلت نتائجها لا تعبّر تماماً عن نوايا أصحابها.
- إن الثورة كانت مشروعاً عربياً، لكنها جرت في ظل نظام دولي لم يسمح بتمام ثمارها حتى هذه اللحظة.











طباعة
  • المشاهدات: 4118
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-11-2025 10:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم