26-11-2025 09:06 AM
بقلم : الدكتور فارس العمارات
يُعرف العنف الأسري بأنه أي شكل من أشكال السلوك العدواني الصادر عن أحد أفراد الأسرة تجاه فرد آخر سواء كان ذلك على المستوى الجسدي، النفسي، أو الاقتصادي، ومن أبرز مظاهره الاعتداء الجسدي ضد الأطفال أو الزوجة، الإهمال المتعمد، الحرمان المالي، إلى جانب الإساءة النفسية، ويسفر العنف الأسري عن تأثيرات كبيرة على الأفراد والمُجتمعات، من أبرزها انخفاض إنتاجية الأفراد وزيادة تكاليف الرعاية الصحية والنفسية، إلى جانب إضعاف رأس المال البشري .
وتشير الدراسات إلى أن العنف الأسري ليس مجرد مشكلة اجتماعية، بل يشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا. فعلى المستوى الاقتصادي، يؤدي هذا النوع من العنف إلى تراجع الإنتاجية بسبب غياب الضحايا عن العمل أو تدني قدرتهم على أداء مهامهم بكفاءة ، ومن ناحية أخرى، ترتفع التكاليف المتعلقة بالرعاية الصحية والنفسية لمعالجة الإصابات أو الآثار الناتجة عن العنف، وقدرت إحدى الدراسات التكاليف السنوية للعنف المنزلي ضد النساء بحوالي 130 مليون دينار أردني . ما يعادل 0.4% من الناتج المحلي، وفي الولايات المتحدة، كشفت أبحاث أن التكلفة الإجمالية للعنف بين الشركاء على مدار حياة الضحايا تبلغ 3.6 تريليون دولار أمريكي. أما في إسبانيا، فبلغت التكاليف المباشرة للعنف الأسري لعام 2022 ما بين 1.38 و3.01 مليار يورو .
وعلى الصعيد الاجتماعي والنفسي، يؤدي العنف الأسري إلى تفكك الأسر وزيادة معدلات الطلاق والانفصال. كما يشكل تأثيرات طويلة الأمد على الأطفال، تتجلى في مشكلات نفسية واضطرابات سلوكية واجتماعية، مما يساهم في خلق دائرة مغلقة من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية المستمرة.
وتشكل التكاليف الاقتصادية الناجمة عن العنف المجتمعي عبئًا كبيرًا على الموارد العامة والخاصة، حيث تؤدي إلى زيادة النفقات على الأمن والحماية .حيث يتطلب التعامل مع حالات العنف تخصيص موارد هائلة لتغطية احتياجات الشرطة، القوات الخاصة، أجهزة المراقبة، والمعدات الأمنية المختلفة، مما يؤثر سلبًا على الميزانية العامة ويحد من الأموال المُتاحة للتنمية وتوفير الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي العنف إلى تخريب البنية التحتية وتدمير المُمتلكات العامة والخاصة، مما يستلزم إنفاق مبالغ طائلة لإعادة الحال الى ما كانت عليه ، وتعويض المتضررين ،ويتسبب أيضًا في تراجع قيمة الأصول وركود أنشطة الشركات المحلية، مما يترك أثرًا واضحًا على الاقتصاد المحلي،والعنف المجتمعي يمثل أحد أبرز العقبات أمام تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث. فهو لا يقتصر على تعطيل الأمن والاستقرار فقط، بل يتسبب أيضًا في تكاليف اقتصادية مباشرة وغير مباشرة تثقل كاهل الدولة والأسر والقطاع الخاص،وتتجلى هذه التكاليف في مجالات عدّة، منها الإنفاق على الأمن، وتأمين الرعاية الصحية لضحايا العنف، فضلًا عن تأثيره الواضح في انخفاض معدلات الإنتاجية مما يتسبب في تعطل التنمية المستدامة وزيادة الفقر والجوع والتعطل عن العمل .
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-11-2025 09:06 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||