22-11-2025 04:22 PM
بقلم : د. خالد حسين العمري
في كل موسم زيتون، تتزاحم على وسائل التواصل حكايات لا تشبهنا: فيديوهات عن غش الزيت، صور مشبوهة، عناوين صاخبة… وكأن الأردن، بلد الخير والبركة، أصبح فجأة بلدًا يُتقن الغش أكثر من إتقانه للأمانة! لكن الحقيقة أنّ المزارع الأردني لا يعرف إلا التعب، ولا يورّث أبناءه إلا الصدق. هذا الزيت الذي نفخر به، هو عرق جبين، وهو رائحة أرض، وهو ذاكرة أجداد حرّاثين لا يعرفون إلا النزاهة. فكيف نقبل أن نصوّر أنفسنا على أننا أُمة تخون زيتونها؟
نعم، قد تظهر حالة هنا أو هناك… لكن هل يُعقل أن نختزل آلاف المزارعين الشرفاء بحكاية واحدة؟ هل نسمح لفيديو عابر، أو “ترند” يبحث عن ضجيج، أن يهزّ ثقتنا بما نصنعه بأيدينا؟ ويبدو أنّ القصّة لا تقف عند الزيتون وحده.فكلما جاء موسم، خرجت علينا شائعة جديدة: البطيخ “مهرمن”، البرتقال “مدود”، الخضار “مرشوش”…، وكأنّ هناك من يتعمد أن يزرع الشكّ بيننا وبين خيراتنا.
وهنا لا بدّ أن نسأل أنفسنا: لمصلحة من نطعن منتجاتنا؟ ولمصلحة من نسيء لصورة بلد تُعدّ النزاهة جزءاً من نسيج أخلاقه؟ الأردن ليس مجرد جغرافيا بل هو منظومة قيم، هو بلد يُربّى فيه الطفل على كلمة “النخوة” قبل أن يتعلم القراءة.
هو بلد تقول عنها الأمهات: “الزيت أمانة، والتراب أمانة، والرزق أمانة، نحن شعب تربّى على القيم، لا على الغش، شعب إذا أعطى، أعطى بصدق… وإذا زرع، زرع بنيّة طيّبة… وإذا باع، باع بضمير. وإن أخطأ فرد، فالأردن ليس فردًا بل إن الأردن روح جماعية، وأخلاق مشتركة، وتاريخ طويل من النزاهة. لقد آن الأوان أن نتوقف عن جلد أنفسنا، وأن نرفع من قيمة ما نصنعه، ونزرعه، وننتجه، بدل أن نهدمه بأيدينا، وأن نتذكر أننا بلدٌ يُباركه الله بطبيعته، ويباركه أهله بأمانتهم.
الأردن لا يختصره فيديو مشبوه، ولا يشوّهه “ترند" ، الأردن يُختصر في كلمة واحدة: صدق. حفظ الله أرض الزيت والزيتون… وحفظ الله كل يدٍ أردنية تعمل بشرف، وتُطعم أبناءها من رزقٍ طيب.
د. خالد حُسين العمري
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-11-2025 04:22 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||