17-11-2025 12:46 AM
سرايا - يشكّل الهطول المطري الخريفي في الأردن حجر الأساس لانطلاق الموسم المطري، ومحورا حاسما في معادلة الأمن المائي الوطني، خصوصا في ظل التحديات المناخية المتفاقمة وتراجع معدلات الأمطار خلال السنوات الأخيرة.
ويبرز هذا الدور بوضوح في الموسم الحالي، الذي شهد منذ أيلول (سبتمبر) الماضي انحباسا مطريا أثار قلقا واسعا لدى المختصين، في ظل تراجع مخزون السدود وتزايد الضغط على الموارد الجوفية.
ورغم مرور أسابيع مضت وغياب المؤشرات الجوية الدالة على اقتراب منخفضات رئيسة نحو شرق المتوسط، ما عزز مخاوف استمرار التأخر في انطلاقة الموسم الشتوي، وطرح تساؤلات حول قدرة السدود والأحواض الجوفية على تلبية احتياجات المملكة خلال الأشهر المقبلة، فإن أمطار الخريف الأخيرة التي شهدتها مختلف مناطق المملكة كانت كفيلة بكسر هذا الجمود.
ورغم ارتفاع المعدل السنوي طويل الأمد لما نسبته نحو 4 % عن المعدل السنوي العام، وفيما دخلت السدود 1.8 مليون متر مكعب فقط إثر المنخفض الأخير، ورغم محدودية كمياتها، فإنها أحيت بعض الآمال بإمكانية تحسن الأداء المطري لاحقا.
وتتجلى أهمية الهطول الخريفي أيضا في دوره الزراعي، فهو الذي يحدد جاهزية الأراضي للزراعات البعلية، ويتيح للمزارعين التخطيط للموسم، ويخفف الحاجة إلى الري المكلف، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل في تكلفة الطاقة والمياه.
ويُعد غياب هذا الهطول مؤشرا مباشرا على ضعف الموسم الزراعي، وبالتالي زيادة الضغوط الاقتصادية على الأسر الريفية، وعلى الأمن الغذائي الوطني.
ورغم المشهد المقلق، دعا الأمين العام لسلطة وادي الأردن م. هشام الحيصة، في تصريحات إلى التفاؤل الحذر، والذي رأى في الهطول الأخير "بداية لانتهاء حالة الجفاف" بعد واحد من أصعب المواسم خلال العقدين الماضيين.
واعتبر الحيصة أن دخول ما يقارب 1.8 مليون متر مكعب للسدود "يبشر ببداية موسم مطري جيد" إذا تتابعت الفعاليات الجوية خلال الأسابيع المقبلة.
وقال الحيصة إن الهطول المطري الأخير يمثّل، بحمد الله، بداية فعلية لانحسار حالة الجفاف التي عاشتها المملكة، بعد صيف اعتبره من أصعب المواسم التي شهدها الأردن خلال العقدين الماضيين.
وأوضح أن المملكة ما تزال في المراحل الأولى من الموسم المطري، غير أن الهطولات الأخيرة أسهمت في رفع ما تحقق حتى الآن إلى نحو 4 % من المعدل السنوي العام، وهو ما يشكّل مؤشرا مهما على تحسن الأداء المطري خلال الفترة المقبلة.
وأضاف إن الأمطار الأخيرة أدت إلى دخول ما يقارب 1.8 مليون متر مكعب من المياه إلى السدود، وهي كميات مبشّرة وتعطي، بإذن الله، بداية قوية لاحتمال تحسن الموسم المطري هذا العام، معوّلا على أن تتوالى الفعاليات الجوية خلال الأسابيع المقبلة بما يعزّز المخزون المائي ويرفع منسوب التخزين في السدود.
بدورها، أكدت وزارة المياه والري - سلطة وادي الأردن في بيان لها، أن المعدل السنوي طويل الأمد للهطولات المطرية ارتفع حتى صباح أمس الأحد، إلى 4 % من المعدل السنوي طويل الأمد والذي يقدر بنحو 8.1 مليار متر مكعب سنويا.
وأوضح البيان أن كميات الأمطار التي دخلت السدود خلال المنخفض الجوي الممتد من مساء الخميس حتى صباح الأحد، بلغت نحو 1.8 مليون متر مكعب، استحوذ سد الوالة على الحصة الأكبر منها بواقع 400 ألف متر مكعب، الأمر الذي رفع التخزين الكلي فيه إلى 5.3 % من سعته البالغة 25 مليون متر مكعب.
وبيّنت الوزارة أن بقية الكميات توزعت على مختلف السدود بنسب متفاوتة، باستثناء سد الوحدة الذي لم يسجل دخول أي كميات إليه خلال الفترة نفسها، ليصل مجموع التخزين في السدود الرئيسة إلى 43 مليون متر مكعب بنسبة 15 % من طاقتها التخزينية البالغة 288.128 مليون متر مكعب، مقارنة بـ57 مليون متر مكعب بنسبة تخزين بلغت 20 % في الفترة المقبلة.
وأشار البيان إلى أن الوزارة فعّلت خطط الطوارئ خلال المنخفض الجوي، وتعاملت كوادرها مع 1804 شكاوى شكلت شكاوى فيضانات مناهل الصرف الصحي الجزء الأكبر منها، مؤكدة استمرار جاهزية فرقها للتعامل مع أي طارئ خلال الموسم المطري.
وتبقى هذه التطمينات مشروطة باستمرار الهطول وتكاثفه، وبتعزيز الجهود الوطنية لمواجهة آثار العجز المائي عبر الاستراتيجيات الكبرى مثل مشروع الناقل الوطني، وخطط تخفيض الفاقد، وتطوير الحلول المائية غير التقليدية، وتحسين الحوكمة والرقمنة، وإرساء حالة من التنسيق المؤسسي الواسع بين الجهات المعنية. وبالتالي، فإن الانحباس المطري الخريفي يعيد التأكيد بأن الأمن المائي في الأردن لم يعد ترفا تنمويا، بل تحديا وجوديا يوازي في أهميته الأمن الاقتصادي والاجتماعي.
فالهطول الخريفي، على بساطته الظاهرية، يمثل مفتاحا لمعظم مكونات الدورة المائية، وأي اختلال فيه ينذر بتداعيات واسعة تطال كافة القطاعات.
الغد
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-11-2025 12:46 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||