حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,8 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9800

إيران تبحث عن مقاتلات أكثر تطورا استعدادا للحرب المدمرة القادمة

إيران تبحث عن مقاتلات أكثر تطورا استعدادا للحرب المدمرة القادمة

إيران تبحث عن مقاتلات أكثر تطورا استعدادا للحرب المدمرة القادمة

08-11-2025 09:03 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - في وقت سابق من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، نقلت وسائل إعلام عن مصادر رسمية إيرانية منها عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أبو الفضل ظهروند، أن طائرات روسية من طراز "ميغ-29" (Mig-29) وصلت إلى قاعدة شيراز الجوية إحدى أهم القواعد الجوية الإستراتيجية في إيران، المكلفة بالدفاع عن المناطق الوسطى والجنوبية للجمهورية الإسلامية، في خطوة تهدف إلى تحديث القوات الجوية الإيرانية وزيادة قدرتها على مواجهة الأخطار الأمنية الإقليمية، بعد سلسلة الضربات الإسرائيلية التي ألحقت أضرارا كبيرة بأسطول الطائرات الإيراني وأنظمة دفاعها الجوي في يونيو/حزيران الماضي.

تُعد "ميغ-29" مقاتلة ثنائية المحرك من الجيل الرابع، وهي تتمتع بكفاءة عالية بالنظر إلى حقيقة أن القوات الجوية الإيرانية تدير أسطولا متهالكا من طائرات معظمها طائرات أميركية تعود إلى ما قبل عام 1979 مثل "إف-14 تومكات" (F-14 Tomcat)، و"إف-4 فانتوم 2″ (F-4 Phantom II)، و"إف-5 تايجر 2″ (F-5 Tiger II)، التي نجحت طهران في إبقائها على قيد الحياة بفضل مزيج من الهندسة العكسية والمشتريات السرية.


رغم ذلك، وصف ظهروند طائرات "ميغ-29" بأنها "حل مؤقت" يهدف إلى تلبية احتياجات البلاد العاجلة في انتظار وصول منصات أكثر تطورا، مثل مقاتلات الجيل الرابع المتقدم (4.5) "سو-35″ (Su-35) الروسية الملقبة بـ"فلانكر إي".

يؤكد ذلك ما نشرته وكالة "رويترز" في يناير/كانون الثاني الماضي نقلا عن قيادة رفيعة في الحرس الثوري الإيراني من أن إيران اتفقت مع روسيا على الحصول على طائرات مقاتلة من طراز "سوـ35".

وحسب وثائق مسربة يُزعم نسبتها إلى وزارة الدفاع الروسية، نشرها مخترقون أوكرانيون مؤخرا فإن هناك اتفاقا يقضي بأن تتسلم إيران 48 طائرة من طراز "سو -35" خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. تزامن ذلك مع أنباء حول سعي طهران للحصول على المقاتلة الصينية "جى ـ 10 سى" (J-10C) الملقبة بـ"التنين القوي" من أجل تعزيز قواتها الجوية.


تشير التقارير أيضا إلى أن إيران بدأت تسلُّم ونشر أنظمة دفاع جوي أرض-جو بعيدة المدى من طراز "إتش كيو – 9" (HQ-9) الصينية "بأعداد كبيرة". وهو ما يخبرنا عن توجه عسكري أوسع نطاقًا لإيران للاهتمام بالقوة الجوية وأنظمة الدفاع الجوي التي عانت بشدة خلال العقود الماضية.

وتسعى طهران على ما يبدو لاستجلاب معدات عسكرية متطورة من روسيا والصين، مما يضع طهران في فلك شبكات الدفاع المتوسعة لموسكو وبكين، وينذر بتغيير توازنات القوى في الشرق الأوسط من خلال إعادة طهران إلى المنافسة على التفوق الجوي من جديد.



تقع المخاوف من إسرائيل في قلب مساعي التحديث الجوي الإيراني. خلال حرب الاثني عشر يوما في يونيو/حزيران الماضي نجحت دولة الاحتلال على ما يبدو في تحقيق تفوق جوي فوق أجزاء واسعة من المجال الجوي الإيراني خاصة في الجزء الغربي من البلاد وصولا إلى العاصمة طهران، وتمكنت من تنفيذ ضربات جوية واسعة النطاق عطلت دفاعات إيران الجوية، مما منحها قدرة على التحرك بحرية في سماء العاصمة الإيرانية وضرب مواقع متعددة بدون مقاومة قوية.

وقد شكلت تلك الهيمنة نقطة ضعف هائلة في الأداء العسكري الإيراني في تلك الحرب، لأن الهيمنة على الأجواء كانت تعنى شل يد معظم القدرات العسكرية لطهران، وجعل القوات على الأرض معرضة لخطر الاستهداف، لذلك من الملاحظ أن العديد من الهجمات الصاروخية المضادة انطلقت من وسط وشرق إيران البعيد نسبيا عن هيمنة سلاح الجو الإسرائيلي، هذا فضلا عن الجرح العميق في الكرامة الوطنية لأي بلد تقع أجواؤه تحت هيمنة قوى معادية.

من هنا يمكننا أن نتفهم اللهفة الإيرانية للإسراع في تطوير سلاحها الجوي، الذي يعتبر عتيقا، ولا يتناسب إطلاقا مع العصر الحالي. والسبب الرئيسي في ذلك، بجانب العقوبات التي منعت طهران من تطوير تسليح العديد من وحدات جيشها، هو أن البلاد اختارت التركيز على الردع الصاروخي بديلا عن تقوية سلاح الجو أو الدفاع الجوي بغية صناعة غلاف من الحماية يردع أي قوة معادية عن مهاجمتها أصلا خوفا من أن تجد تلك القوة نفسها عرضة لمئات أو ربما آلاف الصواريخ الإيرانية الساقطة من السماء.

لكن مجريات الحرب الأخيرة أثبتت أن نظرية الردع تلك تفقد جزءا كبيرا من فعاليتها بمجرد أن تقرر قوة مهاجمة الأراضي والأجواء الإيرانية بالفعل، حيث سرعان ما تكشفت أوجه القصور الإيرانية في المواجهات الجوية المباشرة والدفاع الجوي، وهو ما وضع قدراتها الصاروخية نفسها في مرمى النيران. باختصار لقد أثبتت الحرب أنه لا غنى عن قوات جوية متقدمة إذا رغبت الدولة في أن تكون رقما صعبا في المعادلة الإقليمية، وهو درس تعلمه الإيرانيون بالتجربة الصعبة.

ما يجعل الأمور أكثر خطورة أن هناك احتمالات لتجدد الصراع بالفعل في وقت قريب. لقد انتهت الحرب الأخيرة دون نصر عسكري واضح لأيّ من القوتين. صحيح أن هناك أضرارا فادحة قد أصابت البرنامج النووي الإيراني، ومن الممكن القول إن أهدافا عزيزة في إسرائيل كانت فريسة للصواريخ الإيرانية، ولكن من المبالغة اعتبار أن أيًّا من الطرفين قد حقق أهدافه، مما يجعل تجدد الصراع احتمالا واردا.


فبحسب موقع "ناشيونال سيكوريتى جورنال"، تبدي إيران سلوكا يدل على أنها تتوقع جولة أخرى من الصراع، حيث تنقل معدات تبريد متقدمة من موقع نطنز لتخصيب اليورانيوم، لحمياتها من هجمات مستقبلية محتملة. في غضون ذلك، تشير مجلة نيوزويك إلى أن مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى يعتقدون أن الهدنة بين البلدين لن تصمد طويلا وأن النزاع سيتجدد في وقت ما.



وفي إيران نفسها صرح الجنرال عبد الرحيم موسوي رئيس هيئة الأركان بأن إيران على أهبة الاستعداد لأيّ حرب قادمة، أما في إسرائيل فقد حذر أفيغدور ليبرمان الوزير السابق وعضو الكنسيت من أن إيران تتحضر للهجوم على إسرائيل في وقت لاحق.

فضلا عن ذلك لا يوجد اتفاق حتى الآن بين الولايات المتحدة والقوى الأوروبية من جهة وبين إيران من جهة حول برنامج إيران النووي، ورغم أن إسرائيل ليست معنية بشكل مباشر بسير المفاوضات أو التوصل لاتفاق، فإن وجود اتفاق سار برعاية دولية يجعل مهمتها في التصعيد العسكري أكثر صعوبة، وعلى العكس من ذلك فإن غياب الاتفاق يفتح الأبواب أمام السيناريوهات التصعيدية بما في ذلك تجدد الحرب.

وبالإضافة إلى مخاوف إيران من هجوم إسرائيلي وشيك، فهناك تخوف من أن تقوم الولايات المتحدة نفسها بالهجوم عليها، إذا فشلت مساعي التوصل لاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني يحل محل الاتفاق السابق الذي كانت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما قد أبرمته وألغاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبان ولايته الأولى. يعني ذلك أن جميع عوامل التوتر لا تزال قائمة، ولا سبيل لحلها قريبا، مما يجعل الحرب احتمالا قائما.

ما تريده إيران ببساطة هو جعل قرار الحرب القادمة أكثر صعوبة من خلال رفع تكلفتها المحتملة على الخصوم. وتعد جهود التحديث الجوي عاملا أساسيا في هذه المساعي، فمن خلال تضييق الفجوة الجوية مع إسرائيل، تسعى طهران لحرمانها من التفوق المطلق في الهواء وهي الميزة الأهم التي تمتعت بها إسرائيل في المواجهة الأخيرة. ومن خلال تعزيز دفاعاتها الجوية بأنظمة متقدمة، تسعى طهران لفرض تكلفة باهظة على أي قوة تسعى إلى مهاجمتها.



هناك ثلاث طائرات جديدة تخطط إيران لحوزها قريبا وهي "ميغ 29″ الروسية، و"جى ـ 10 سي" الصينية، وأخيرا "سو ـ 35" الروسية لمواجهة الترسانة الإسرائيلية المشكلة بالأساس من طائرات "إف -15 إيجل" (F-15 Eagle)، و"إف -16 آي" (F16I)، وطائرة الجيل الخامس "إف ـ 35 آي" (F-35I) وهي أحدث المقاتلات الأميركية العاملة إذا ما استبعدنا المقاتلة الشبحية "إف-22 رابتور" (F-22 Raptor) التي تفرض واشنطن حظرا على تصديرها.

من المؤكد أن الترسانة الإسرائيلية سوف تظل متفوقة حتى لو نجحت إيران في تعزيز أسطولها بالطائرات الثلاث لكن مجرد تضييق الفجوة سوف يكون له أثر إستراتيجي حاسم. ولنبدأ مع "ميغ-29" الروسية إحدى أبرز مقاتلات الجيل الرابع، التي لا تعد جديدة كليا بالنسبة للإيرانيين. ففي أعقاب حرب الخليج عام 1991، وبسبب انهيار الوضع العسكري العراقي، لجأ عدد من الطيارين العراقيين مع مقاتلاتهم إلى إيران.

استولت طهران على هذه الطائرات وأضافتها إلى أسطولها الجوي، ويقدر أن طهران حصلت على ما بين 4 و7 طائرات "ميغ -29" بهذه الطريقة. كما حصلت طهران على عدد من الطائرات من الطراز نفسه من روسيا مباشرة خلال النصف الأول من التسعينيات. ويذكر أنه في عام 1997 اشترت الولايات المتحدة 21 مقاتلة من طراز "ميغ -29" من مولدوفا للحيلولة دون حصول إيران عليها.

صُمِّمت "ميغ -29" في أواخر السبعينيات ودخلت الخدمة في أوائل الثمانينيات خلال الحقبة السوفياتية، لتكون طائرة تفوق جوي في مواجهة المقاتلات الأميركية من الجيل نفسه مثل "إف-15″ و"إف-16".

جرى تطوير الطائرة لتمتلك محركين توربينيين من طراز "آر دي- 33" (RD-33) يمنحانها سرعة عالية تصل إلى 2.25 ماخ ونطاقا قتاليا يبلغ 700 كيلومتر دون الحاجة إلى خزانات وقود خارجية إضافة إلى قدرة عالية على المناورة، وهي السمة التي ميّزتها في القتال الجوي القريب. ومع ذلك، تُعتبر إلكترونيات الطيران الخاصة بها قديمة الطراز وفقًا للمعايير الحديثة.



وبمرور العقود، خضعت "ميغ-29" لسلسلة من التعديلات التي حولت بعض طرازاتها إلى نسخ متعددة المهام، أبرزها الطراز "ميغ-29 إس" الذي يُعتقد أن إيران حصلت عليه مؤخرا. ويتميز هذا النموذج برادار أحدث، وحمولة تسليحية أعلى، وتحسينات في أنظمة الملاحة والتوجيه. وإذا تأكدت هذه الترقيات، فستُحسّن بشكل كبير قدرة إيران على خوض معارك جو-جو ضد خصوم مثل طائرات "إف-16" الإسرائيلية، بل وحتى التصدي للطائرات المُسيّرة وصواريخ كروز التي تخترق المجال الجوي الإيراني.


ولكن رغم التحسينات، لا تزال "ميغ -29" حلًّا مؤقتًا، فهي غير قادرة على مُضاهاة التفوق النوعي للطائرات الإسرائيلية في بيئات قتال متقدمة تهيمن عليها مقاتلات بعيدة المدى أو منظومات إنذار مبكر متطورة. حيث تُظهر التجارب الميدانية السابقة الفارق في القدرات بين "ميغ-29" ونظيراتها الغربية؛ ففي حرب الخليج عام 1991 كانت الطائرات الأميركية قادرة على اكتشاف الميغ وضربها من مدى أبعد، وفي حملة الناتو على يوغسلافيا عام 1999 أسقطت مقاتلة "إف-16" طائرة "ميغ-29" بصاروخ "أمرام ـ 120" متوسط المدى، في مشهد أصبح مثالًا كلاسيكيًّا على أهمية التفوق الإلكتروني والمدى القتالي.

مع ذلك، لا تزال "ميغ-29" قيد الخدمة لدى العديد من الدول، من بينها الهند التي تعتبر ثاني أكبر مشغل للطائرة بعد روسيا إضافة إلى أوكرانيا التي أجرت تعديلات على تسليحها وراداراتها. وتظل "ميغ-29" خيارًا اقتصاديًّا مناسبًا للدول التي تبحث عن مقاتلة فعالة منخفضة التكلفة، إذ تمتاز بسهولة الصيانة وتوفر قطع الغيار نسبيًّا، رغم أن العقوبات المفروضة على روسيا قد تؤثر أحيانًا في سلاسل الإمداد والدعم الفني.


من المؤكد إذن أن الحصول على طائرات "ميغ-29" سوف يعزز من أصول القوات الجوية الإيرانية في وقت حاسم ولكنها ليست كافية بحد ذاتها. لذلك يمّمت إيران وجهها شطر الصين، للحصول على المقاتلة الصاعدة "جى ـ 10 سي" التي أصبحت تشتهر بلقب "قاتل الرافال" بعد تأكيدات باكستانية بإسقاط مقاتلات رافال هندية بواسطة المقاتلة الصينية المسلحة بالصاروخ "جو – جو" الطويل المدى "بى إل ـ 15" (Pl-15) خلال المواجهة الأخيرة بين البلدان في مايو/أيار الماضي.

ومع تزايد الأنباء حول اهتمام إيران بالطائرة الصينية، نقلت نيوزويك في يوليو/تموز الماضي عن متحدث لوزارة الدفاع الصينية استعداد بلاده لتزويد "الدول الصديقة" بطائراتها دون تسمية طهران بشكل صريح، علما بأن إيران والصين سبق أن فشلا في التوصل لاتفاق للحصول على مقاتلات في 2015 حيث خططت طهران لشراء ما لا يقل عن 150 طائرة مقاتلة صينية، لكن الصفقة أُجِّلت بسبب خلاف حول شروط الدفع حيث تسبب النقص الحاد في النقد الأجنبي في دفع مقابل الصفقة نقدا.

لاحقا خفضت طهران مستهدف الشراء الخاص بها إلى 40 طائرة من المقاتلة الصينية ثم إلى 10 طائرات فقط تمثّل دفعة أولى تجريبية. وفي حال نجحت إيران في الحصول على مقاتلة الجيل الرابع المتقدم (4.5) الصينية فإن ذلك سيمثل خطوة كبيرة في تحديث أسطولها الجوي، وربما تمكنها بالفعل من سد جزء كبير من الفجوة في قدراتها العسكرية الجوية.

فالمقاتلة المتعددة الأدوار ذات المحرك الواحد تصل سرعتها القصوى إلى نحو 2 ماخ (2100 كيلومتر في الساعة)، ولأنها متعددة الأدوار فهي قادرة على حمل صواريخ "جو – أرض" وصواريخ "جو – جو" وتمثل النظير الصيني للنسخ الأحدث من طائرات "إف ـ 16″ مثل ‘"بلوك 70" وعادة ما تقارن بها.

وتتميز الطائرة بميزتين أساسيتين، الميزة الأولى رادار من مسح إلكتروني نشط طويل المدى، لا يحتاج إلى تعديلات في توجيه المستشعرات ميكانيكيا للحصول على المعلومات، وهو ما يمنحها الميزة الثانية وهي قدرتها على حمل صواريخ "جو- جو" طويلة المدى تجعلها فعالة في حالة القتال خارج مجال الرؤية التي تمكن الطائرة من إطلاق الصواريخ دون الاعتماد على رؤية الطيار للطائرة المستهدفة رأي العين.

فهي قادرة مثلا على حمل الصاروخ "بى إل ـ 15" الطويل المدى الذي يصل مداه إلى 200 كيلومتر في النسخة الصينية وحوالي 140 كيلومترا في نسخ التصدير وينسب إليه الفضل في إسقاط طائرات الرافال في النزاع الباكستاني الهندي الأخير بحسب الادعاءات الباكستانية. ومن المتوقع في حالة حصول إيران على الطائرة أن تكون مزودة بهذا الصاروخ.


بالإضافة إلى ذلك تشير تقارير عدة إلى تفوق المقاتلة الصينية على طائرات "إف ـ 16" على صعيد الانسيابية والقدرة على التحليق عند السرعات المنخفضة بفضل تصميم "دلتا – كانراد" المميز.

ويسمح الجناح المثلث الشكل (دلتا) للطائرة بالتحليق بسرعات عالية واستقرار جيد عند الزوايا الحادة، في حين يساعد الجناحان الصغيران أمام الأجنحة الرئيسية (كانراد) في تحسين قدرات المناورة، كما يؤديان دورًا في التحكم والاستقرار الديناميكي.

ومع ذلك فإن "إف ـ 16″ ذات تاريخ طويل من العمليات القتالية، وأثبتت كفاءة في الكثير من الحروب منذ تشغيلها لأول مرة. ولا سيما أنها أكثر تفوقا من المقاتلة الصينية من حيث التخفي، وعلى ذلك يمكن لـ"إف ـ 16" أن ترى الطائرة العدو حتى مع مسافات قريبة دون أن تدرك الأخيرة وجودها. لأنه حتى مع وجود رادار طويل المدى، فمن الممكن تقنيا أن تقل قدرة الرادار على الاكتشاف كلما بعدت المسافة. وبالتالي يمكن للإف ـ 16 أن تقترب اعتمادا على قدرتها على التخفي وبصمتها الرادارية المنخفضة.

في معركة بين الطائرتين، يمكن أن تختلف النتائج المتوقعة باختلاف سيناريوهات المواجهة، ومن المتصور أن تعول "جى ـ 10" على مدى رادارها الكبير، الذي يسمح لها بأن ترى مقاتلات العدو من مسافات بعيدة، وفي قتال قريب جدا، من الممكن أن تتفوق المقاتلة الصينية في المناورات بسبب خفتها، بينما تعتمد "إف-16" على قدرتها على التخفي إضافة إلى كفاءتها التشغيلية.

وهنا يأتي دور المقاتلة الثالثة التي ترغب إيران في اقتنائها وهي "سو-35" المقاتلة الروسية من الجيل الرابع المتقدم (4.5)، وإحدى أفضل المقاتلات في الترسانة الروسية. لسنوات طويلة، أبدت طهران اهتمامها بحوز هذه المقاتلة حتى إن بعض المصادر أكدت أن طهران دفعت ثمن الصفقة بالفعل لكن موسكو تلكأت في التسليم لأسباب عدة على رأسها الضغوط الأميركية والإسرائيلية.

ودفع ذلك أوساطًا دبلوماسية وإعلامية إيرانية للتعبير عن استيائها من تمنُّع روسيا عن تسليم المقالات لإيران على الرغم من التعاون الإيراني الكبير مع روسيا وتزويدها بطائرات مسيّرة خلال حربها في أوكرانيا.

بيد أن التصريحات الإيرانية الأخيرة تشير إلى أن طهران لا تزال تتمسك بالمقاتلة الروسية بوصفها الخيار الأول لتحديث قواتها الجوية. ومن المرجح أن تشكل "سو -35" تحديا غير هين للهيمنة الإسرائيلية في أي صراع جوي محتمل بين الطرفين، نظرا لقدراتها الكبيرة فهي تتمتع بسرعة تصل إلى نحو 2.3 ماخ متفوقة على نظائرها رافال الفرنسية و"إف ـ 16 الأميركية"، كما أنها مزودة بنظام تضليل إلكتروني متطور، مهمته خداع وتضليل شبكات الرادار لكي يصعب اكتشاف الطائرة في الأجواء.

وهي كذلك تتفوق في قدرات المناورة مما يجعلها أفضل في القتال عن قرب، أما في حالة القتال خارج مدى الرؤية فتستعيد طائرات "إف-16" تفوقها من خلال وسائل تقنية على الأهداف، والنظم الرادارية التي تقوم بتوجيه الأسلحة دون الاعتماد على الطائرة نفسها. وقد زعمت أوكرانيا في يونيو/حزيران الماضي أن طائرة "إف ـ 16" تابعة لها نجحت في إسقاط طائرة "سو-35" دون تأكيد من مصدر مستقل.


ولكن بغض النظر عن نجاح إيران في حوز هذه المقاتلات جميعا أو عدمه، فالمؤكد أن اقتناء الطائرات وحده لا يحقق التفوق الجوي المنشود، إذ إن فعالية أي سلاح جوي تعتمد على منظومة متكاملة من الدعم اللوجستي والتقني والاستخباري. فالطائرة المقاتلة، مهما بلغت من تطور، تحتاج إلى شبكة رادارات متقدمة توفر لها الوعي الميداني الكامل عن مواقع العدو وحركته في الجو.

كما أن الدفاعات الجوية الأرضية، من منظومات صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، تشكّل درع الحماية لهذه الطائرات وللقواعد التي تنطلق منها. وفي حال غابت هذه الشبكة أو كانت ضعيفة التنسيق، تصبح الطائرات هدفًا سهلًا لأي هجوم مباغت، مهما بلغت سرعتها أو قدراتها التسليحية.

وتبرز هنا أهمية أن تمتلك الدولة بنية تحتية جوية متكاملة تشمل مراكز قيادة وسيطرة واتصالات آمنة، وأنظمة إنذار مبكر، وطائرات استطلاع ومراقبة تربط بين الوحدات الجوية والبرية والبحرية. فمن دون هذا الترابط، تعمل الطائرات في عزلة تكتيكية تفقدها جزءًا كبيرًا من قدرتها القتالية. كذلك، فإن تدريب الطيارين، وتوفير قطع الغيار، والصيانة الدورية، وتموين الطائرات بالذخائر والوقود، تشكل عناصر لا تقل أهمية عن الطائرات نفسها.

وبذكر مسألة تدريب الطيارين تجدر الإشارة إلى أن إيران حصلت في عام 2023 على طائرة التدريب والقتال الخفيف الروسية الصنع "ياك ـ 130″، وتستخدم الطائرة في تدريب الطيارين على المقاتلات الروسية المتقدمة مثل "سو ـ 35″، ومقاتلة الجيل الخامس "سو ـ 57". وبالإضافة إلى ذلك يمكن للطائرة أن تستخدم في الهجمات الخفيفة، وقد استخدمتها القوات الجوية الإيرانية فعلا في توجيه صاروخ نحو مسيرة في مناورة "ذو الفقار 1403" في فبراير/شباط الماضي.

من المؤكد أن المسؤولين الإيرانيين يعون هذه الاحتياجات كما يدركون أن الطريق نحو تحديث الأسطول الجوي بعد عقود من التراجع لن يكون مفروشا بالورود. في غضون ذلك سوف تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل الضغط على الموردين المحتملين لإيران وفي مقدمتهم الصين وروسيا من أجل إعاقة هذه الجهود.

وعلى عكس ما فعلته إيران حين وطنت صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة محليا، تتطلب الطائرات المقاتلة تقنيات أكثر تطورا واستثمارات أكثر ضخامة، وهو ما يعني أن طهران سيتعين عليها الرهان على حلفائها الخارجيين لتلبية احتياجاتها لفترة طويلة.








طباعة
  • المشاهدات: 9800
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-11-2025 09:03 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم