حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,28 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6656

حين كان الوقار يمشي هيبة .. عبد الهادي المجالي

حين كان الوقار يمشي هيبة .. عبد الهادي المجالي

حين كان الوقار يمشي هيبة ..  عبد الهادي المجالي

28-10-2025 11:02 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - كتب قدر المجالي - في الكرك، ومن مضارب اخوات خضرة.. حيث الأرض لا تُنبت إلا العزّ، وحيث يغسل الوجه بماء بالعزة والشرف .. وتمشي الكلمة على الرمال قبل ان تقال ..
وحيث الرجال تُقاس بمواقفها لا بكلامها،
وُلد عبد الهادي عطالله جعفر المجالي،
ولم يأتِ إلى الدنيا ليكون عابرًا في سطر،
بل ليكون سطرًا لا يُمحى من كتاب الأردن....
كان منذ صباه مختلفًا…
هادئًا كمن يعرف أن القدر يخبّئ له طريقًا لا يسلكه إلا من كُتب له أن يكون علمًا....
كان لا يرفع صوته، لأن صوته إذا ارتفع صار أمرًا،
ولا يكثر الجدال، لأن حكمته كانت تكفي عن الخصومة.
شبّ على الانضباط، كأن النظام وُلد معه.
ومن أول خطوةٍ في طريق العسكرية،
عرفت الساحات أن هذا الفارس سيترك أثرًا،
ففي كل معركة عقلٍ أو قرار،
كان عبد الهادي هو السكون الذي يُطمئن، والعزم الذي لا يتردد.
تدرّج في سلاح الهندسة،
ثم صار ركنًا من أركان الدولة،
يُبنى على بصيرته القرار،
ويُستأنس برأيه في مواطن العُسر.
وحين جلس على كرسي رئاسة الأركان،
جلس الوطن مطمئنًا،
فقد عرف أن من يقود جنده رجلٌ يحسب الخُطى بمقدار الوطن، لا بمقدار المنصب.
ثم حمل راية الأمن العام،
فأعاد لها معنى الأمن لا بالقوة، بل بالعدل.
الهيبة لا تأتي من العصا، بل من ضميرٍ نظيف...
وكان إذا مرّ في الصفوف،
شعر كل رجلٍ أنه يمرّ بقائدٍ لا يخاف، بل يُطمئن.
وفي كل منبرٍ اعتلاه،
وفي كل ملفٍ تولّاه،
كان يقدّم جهده بكل و على كل شيء.
كان الأردنيّ الأصيل الذي يرى الوطن بيتًا لا سقفًا له،
والمواطن جدارًا لا يُرمى بالحجر.
لم يكن متكلّفًا، ولا يسعى خلف الأضواء،
بل كانت الأضواء تلحقه حيثما ذهب.
وإذا تحدث، تحدث بلسان الوطن،
كأنه من ترابه نُحت، ومن صمته صيغت الحكمة.
وحين بلغ من العمر وقار الشيوخ وعمق التجربة،
ظلّ واقفًا كالنخلة، لا تميل مهما اشتدّت الرياح.
تسمع رأيه، فتعلم أنك أمام رجلٍ يرى أبعد مما يرى الآخرون،
وتنظر في وجهه، فترى ظلال الرجال الذين لا تكرّرهم الأيام.
ثم جاء الخبر...
كأنّ الأردنّ فقد أحد أركانه.
رحل عبد الهادي، رحمه الله
فارتجّت القلوب، وصمتت المجالس،
وصارت الكرك تبكيه بصوتٍ مكتوم،
تبكيه كما يُبكى الأب لا المسؤول.
وقفت المجالية والدمعة في عينهم ...
غاب من كان إذا حضر، سكن الناس،
وإذا تكلم، صمت الجدل،
وإذا وعد، صدق،
وإذا غاب... احتاسوا الناس بعده... نعم نعم نعم احتاسوا اااا ...
نعم، الناس بعدك محتاسة يا ابا سهل .
ليس لأنهم فقدوا ابن عم وكبير،
بل لأنهم فقدوا ميزان الحكمة،
وفقدوا الرجل الذي كان إذا مرّ في الطرقات
شعرت البلاد أن هيبتها تمشي على قدميه.
نم قرير العين يا ابن الكرك، يا أخو خضرة
فأنت من نسلِ من لا يطويهم الغياب،
ومن رجالٍ يُذكرون إذا ذُكرت المروءة والوقار.
يا من جعلت من الشموخ رايتك،...
ومن الشموخ دستورك،
ومن الولاء للأردن عهدًا لا يُنقض...
ستبقى مذكورًا،
كلّما مرّت نسمة على مؤاب، ل شيحان
أو علت تكبيرة في معسكر،
أو خطى فارسٌ نحو واجبه.
سيقولون ..
هذا من مدرسة عبد الهادي المجالي،
من الذين علمونا أنّ الصمت له صوت،
وأنّ الرجولة لا تتجمّل،
وأنّ الوطن لا يُخدم بالكلام، بل بالفعل.
رحمك الله يا أبا سهل ...
كنت كبيرًا في الموقف، نادرًا في الزمان،
وسيبقى اسمك محفورًا في ذاكرة الأردن،
كما يُحفر النصل في غمده…
صافيًا، لامعًا، لا يصدأ.
وما زالت الريح في مضارب المجالية
تحمل اسمه كتحية،
تقول للغيم إنّ في هذه الأرض رجالًا إذا مضوا
يبقى أثر خطاهم في التراب كالسيف في غمده.
سلامٌ عليك يا أبا سهل ،
يا من كنت للوطن عمودًا، وللكلمة هيبة.
نم قرير العين،
فما زال الأردن يذكرك كلّما مرّت ريح الكرك
تحمل شذا نخوتك إلى الأبد...
رحم الله عبد الهادي عطالله المجالي وادخله
فسيح جناته
حارس الكلمة وكاتب السنديانات
قدر المجالي








طباعة
  • المشاهدات: 6656
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-10-2025 11:02 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم