25-10-2025 08:18 AM
سرايا - قال الرئيس الإكوادوري دانييل نوبوا إن الشهر الماضي كان مليئًا بالأحداث بالنسبة له، إذ نجا من ثلاث محاولات اغتيال مزعومة، آخرها تضمنت هدايا من المربى والشوكولاتة الممزوجة بمواد كيميائية سامة .
وجاء تصريح نوبوا في مقابلة مع مراسل شبكة سي إن إن فرناندو ديل رينكون يوم الخميس، حيث قال إن الهدايا كانت تحتوي على «تركيزات عالية جدًا» من ثلاث مواد كيميائية، موضحًا أنه «من المستحيل عمليًا أن تكون هذه المواد موجودة معًا بهذه النسب ما لم تكن قد أضيفت عمدًا».
تأتي هذه المزاعم بعد أسابيع قليلة من محاولة اغتيال أخرى، عندما أحاطت حشود من الناس بسيارة نوبوا أثناء سفره إلى إحدى المناسبات في مقاطعة كانيار ، حيث ألقوا الحجارة عليها. ووفقًا لوزيرة الطاقة إينيس مانسانو، تم العثور لاحقًا على آثار رصاص في السيارة، بينما قال نوبوا إن حشدًا آخر قبل ذلك بأيام ألقى عليه زجاجات حارقة وصواريخ محلية الصنع.
ورغم تشكيك بعض المنتقدين في صحة تلك الادعاءات، بسبب غياب أدلة علنية ، معتبرين أنها ربما تهدف إلى تشتيت الانتباه عن تصاعد الغضب الشعبي ضد حكومته، أصر نوبوا في حديثه لـ «سي إن إن» على أن التهديد «حقيقي».
وقال الرئيس: «لم تكن مجرد عصي وحجارة. كانت هناك صواريخ محلية الصنع، وزجاجات مولوتوف، ومقذوفات يمكنها أن تقتلك… ومن الأعلى ألقوا الصخور على الزجاج الأمامي وغطاء المحرك».
وأضاف: «إذا أصابك أحد هذه الصواريخ محلية الصنع في الصدر أو الرأس، فسوف يقتلك».
ومع ذلك، هناك أمر لا خلاف عليه: رئيس الإكوادور لا يفتقر إلى الأعداء .
نوبوا، البالغ من العمر 37 عامًا، وريث إمبراطورية الموز وأحد أكبر الأثرياء في الإكوادور، فاز بفترته الكاملة الأولى في الحكم هذا العام بعد أن وعد بمكافحة عصابات “الإرهاب المخدري” التي حولت البلاد من منارة سلام إلى موطن أعلى معدلات قتل في أمريكا اللاتينية.
ومنذ ذلك الحين، تبنى نوبوا نهج الرجل القوي وسياسة القبضة الحديدية ضد الجريمة التي جعلته محبوبًا لدى الناخبين خلال فترته الأولى، وهو ما جعله هدفًا للعصابات الإجرامية الكبرى.
لكن الأمر لم يقتصر على هذه الشبكات الإجرامية فقط. فمع ارتفاع معدلات القتل مجددًا وتزايد السخط الشعبي بسبب القضايا الاقتصادية مثل ارتفاع أسعار الديزل، بدأت شعبية نوبوا بالتراجع بشكل واضح. ففي فبراير 2024، كان 81٪ من الإكوادوريين يوافقون على أدائه، بحسب استطلاع أجرته مؤسسة سيداتوس المحلية، إلا أن هذا الرقم انخفض الآن إلى نحو 50٪.
وفي بلدٍ اعتاد أن يكون رؤساؤه «غير محبوبين للغاية»، كما تقول لورا ليزارازو ، كبيرة محللي شؤون الإكوادور في شركة الاستشارات السياسية كنترول ريسكس، فإن هذا لا يزال مستوى دعم مرتفع نسبيًا. لكن نوبوا يواجه معارضة متزايدة من المجموعات الأصلية ومنظمات المجتمع المدني بسبب قراراته الأحادية ومحاولاته توسيع سلطاته التنفيذية.
ومن بين أكثر قراراته إثارة للجدل، خصوصًا في المناطق الريفية وبين السكان الأصليين، كان إلغاؤه دعم الوقود (الديزل)، وهو القرار الذي أدى إلى موجة احتجاجات واسعة. كما تعرض لانتقادات بسبب دمج هيئة الرقابة البيئية في وزارة التعدين، وهو ما أثار مخاوف من إضعاف القوانين البيئية، إضافة إلى هجومه على السلطة القضائية عندما أبطلت المحكمة بعض إجراءاته الأمنية، منها منحه حصانة شاملة لقوات الأمن.
قالت ليزارازو: «لقد اتخذ بعض القرارات السياسية المثيرة للانقسام التي لم تلقَ ترحيبًا شعبيًا، وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو موجة الاحتجاجات الأخيرة المتعلقة بدعم الديزل».
خلال الاحتجاجات، أعلن نوبوا حالة الطوارئ في عدة محافظات. وتراجع الحراك بعد أن هدد بإرسال الجيش لفتح الطرق التي أغلقها المتظاهرون. وفي النهاية، وافق الرئيس على خفض سعر الديزل على مرحلتين في ديسمبر وفبراير.
وفي 12 أكتوبر، شهدت العاصمة كيتو اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الجيش احتجاجًا على زيادة أسعار الديزل وإجراءات اقتصادية أخرى فرضتها الحكومة.
تصاعد العنف
رغم تبنيه خطابًا متشددًا تجاه الجريمة، بدأت ملامح فشل هذا النهج بالظهور. فبعد فترة هدوء قصيرة العام الماضي، ارتفعت جرائم القتل بنسبة 40٪ خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025. وفي الأسبوع الماضي، هزت انفجارات سيارات مفخخة مدينة غواياكيل، وأسفرت عن مقتل شخص واحد، بينما شهد شهر سبتمبر مجزرتين متتاليتين داخل السجون.
ويأتي كل ذلك على الرغم من نشر الجيش في السجون والشوارع واعتقال أبرز المطلوبين في البلاد خلال الصيف.
وفي حديثه لـ «سي إن إن»، أقر نوبوا بارتفاع معدل جرائم القتل، لكنه أكد أن النسبة الكبرى منها تحدث بين المجرمين أنفسهم. وقال: «الأرقام مماثلة لعام 2023. الفرق هو أنه في 2023 كان 6 من كل 10 من القتلى لديهم سجل جنائي، أما اليوم فـ 9 من كل 10 لديهم سوابق. إنهم يقتلون بعضهم البعض».
ويشكك بعض النقاد في أن سياسة نوبوا الصارمة قد تزيد الأوضاع سوءًا.
قال المحلل السياسي في كيتو جون بول بينتو: «نوبوا يعتقد أن استخدام الجيش هو أفضل طريقة لمحاربة تجارة المخدرات، لكن ما نراه هنا في الإكوادور يثبت أن هذه استراتيجية سيئة للغاية، إنها لا تعمل».
وأضاف بينتو:«الأمن لا يتعلق فقط بالجيش أو الشرطة أو الاستخبارات، بل يرتبط أيضًا بحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وبمشاركة القطاع الخاص».
العلاقات مع ترمب
من بين أكثر سياسات نوبوا إثارة للجدل، خطة تعديل الدستور للسماح بتمركز قوات أجنبية في القواعد العسكرية الإكوادورية، وهي خطوة من المقرر أن تُطرح في استفتاء شعبي الشهر المقبل.
ويبدو أن نوبوا واثق من أن الناخبين سيدعمونه، إذ بدأت حكومته بالفعل في وضع خطط لإنشاء قاعدة بحرية أمريكية على الساحل الإكوادوري.
وفي الوقت نفسه، سعى نوبوا إلى التقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث نشر هذا الأسبوع على وسائل التواصل الاجتماعي منشورًا يشيد فيه بترمب ويؤكد أن «الإكوادور تقف بحزم في الحرب العالمية ضد الاتجار بالمخدرات» ، وذلك في وقت أعربت فيه دول أخرى في المنطقة عن قلقها من الضربات الأمريكية ضد تجار المخدرات المزعومين في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
وقال نوبوا لـ «سي إن إن» إنه يدعم القتال ضد الاتجار بالمخدرات، «الذي يؤثر على المجتمع بأكمله»، مضيفًا أن بلاده قدمت بالفعل طلبًا رسميًا لإجراء عمليات مشتركة مع القوات الأمريكية.
ووفقًا للمحللة ليزارازو، فإن موجة العنف الأخيرة لن تدفع نوبوا لتغيير استراتيجيته الأمنية، بل العكس: «بالنسبة لحكومته، هذه الأحداث ليست دليلاً على فشل السياسة الأمنية، بل مبررًا لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الجماعات الإجرامية المنظمة. هذا جزء أساسي من هوية الحكومة خطاب الأمن وصورة الرجل القوي والسياسات المتشددة».
صورة القوة
يقول المحللون إن صورة نوبوا الشخصية كانت دائمًا محور قوته السياسية. فهو شاب، متمكن من وسائل التواصل الاجتماعي، ويجيد سياسة الاستعراض والرموز.
قالت ليزارازو:«إنه زعيم غير تقليدي بالنسبة للإكوادور، يعتمد في شعبيته واستراتيجيته في الحكم على صورته وخطابه أكثر من اعتماده على سياسة شاملة قائمة على الأدلة لمواجهة الأزمات المتعددة التي تمر بها البلاد».
وأشار بينتو إلى صدام نوبوا مع المحكمة الدستورية مطلع هذا العام بشأن سياساته الأمنية. فبعد أن أوقفت المحكمة عدة إجراءات له، منها منح الحصانة لقوات الأمن، قاد نوبوا شخصيًا مسيرة في شوارع كيتو احتجاجًا.
وخلال المسيرة، وُضعت لوحات ضخمة تُظهر صور القضاة التسعة مرفقة بعبارة باللون الأحمر: «هؤلاء هم القضاة الذين يسرقون سلامنا».
وفي اليوم التالي، قال نوبوا أمام حشد من أنصاره:«لن نسمح لتسعة أشخاص لا يُظهرون حتى وجوههم بأن يوقفوا التغيير».
وحذر منتقدون من أن هذه الخطوة قد تعرّض القضاة للخطر، لكنها لم تكن المرة الأولى التي يتحدى فيها نوبوا الأعراف الدستورية والمؤسساتية.
وقالت ليزارازو إن نوبوا تسبب في أزمة دبلوماسية في أبريل 2024 عندما أمر قوات الأمن باقتحام السفارة المكسيكية لاعتقال نائب رئيس سابق مطلوب في قضايا فساد كان قد لجأ إليها طلبًا للجوء السياسي.
وأضافت:«لديه سمات وسلوكيات سلطوية واضحة من المرجح أن تستمر طوال فترة حكمه. سيواصل اختبار حدود السلطة التنفيذية، وسيسعى إلى توسيع صلاحياته لتنفيذ أجندته الأمنية المتشددة».
أما عن الاستفتاء الدستوري المقبل، فقالت ليزارازو إنه «سؤال مثير للانقسام»، لكنها أوضحت أن نوبوا يمتلك أدوات الدولة ووسائل الإعلام إلى جانبه.
من جانبه، قال نوبوا في المقابلة إنه سيتقبل نتائج الاستفتاء أيًا كانت، لكنه عبّر عن ثقته بأن الشعب سيقف إلى جانبه، مضيفًا: «أنا مقتنع بأن الناس يريدون تغييرًا حقيقيًا».— سي إن إن
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-10-2025 08:18 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||