حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,20 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 13429

م. صلاح طه عبيدات يكتب: العنف الجامعي… صرخة الفراغ الإنساني

م. صلاح طه عبيدات يكتب: العنف الجامعي… صرخة الفراغ الإنساني

م. صلاح طه عبيدات يكتب: العنف الجامعي… صرخة الفراغ الإنساني

18-10-2025 09:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. صلاح طه عبيدات
ليس العنف الجامعي حادثة عابرة في فضاء التعليم، بل هو نداءٌ صامت يعلو من أعماق الفراغ الإنساني حين تفقد الجامعات رسالتها، ويتحول العقل من أداةٍ للخلق إلى سلاحٍ للجدل والضياع.
إنه ليس صدام أجساد، بل تصادم أرواحٍ فقدت بوصلتها، تبحث عن معنى في عالمٍ نزع عن الفكر هيبته، وعن الإنسان كرامته.

في البدء كانت الجامعة محراباً للفكر، ومسرحاً للحوار، ومجالاً لتلاقح العقول. كانت الحروف فيها تضيء، والأساتذة أنبياء المعرفة، والطلبة رهبان الحقيقة. أما اليوم، فقد غدت الجامعة ممرّاً ضيقاً في زمنٍ مزدحم، بلا روحٍ ولا رسالة، يسكنها الفراغ قبل أن يسكنها العنف.

ذلك الفراغ الذي تحدّث عنه الحكماء ليس فراغ مقاعد أو نشاطات، بل فراغٌ من المعنى. حين يُحرم الطالب من الشغف، ويفقد الأستاذ الإيمان برسالته، يصبح العلم جسداً بلا روح، والجامعة مبنى بلا قداسة.
يُغلق الطالب كتابه ويفتح قلبه على الصخب، يهرب من الفكر إلى العصبية، ومن الحوار إلى الضجيج، لأن الحقيقة غابت عن المناهج كما غابت عن النفوس.

أما العلاقة بين الأستاذ وطلابه، فقد ذابت في جليد الغربة، وانكسر الجسر الذي كان يوصل العقل بالعقل. لم يعد اللقاء بينهما تواصلاً بين معلمين ومتعلمين، بل تبادلاً بارداً بين من يؤدي واجباً ومن ينتظر علامة نجاح. وهنا يبدأ الانهيار الحقيقي: حين يتحول التعليم من رسالة إلى وظيفة.

وفي زحام الأجساد واكتظاظ القاعات، تضيع الأرواح، وتختنق الأسئلة، ويتحول الوجود الجامعي إلى سوقٍ من الأصوات المتنافرة. عندها يصبح العنف صدى طبيعياً لصمت الفكر، ولغياب المعنى عن الحياة الجامعية.

إننا لا نعالج هذا الوجع بزيادة الحراس، ولا بتقليص الأكشاك، بل بإحياء الإنسان في داخل الإنسان. أن نعيد للجامعة رسالتها، وللمعلم قدسيته، وللطالب شغفه، وللعقل مساحته الحرة.
فالعنف ليس مشكلة أمنية، بل أزمة وعي، وانطفاء معنى، وضياع إنسان.

وحين نعيد إلى الجامعات روحها الأولى — روح العلم والكرامة والفضيلة — سيسكن الصخب، ويعود الصمت إلى مكانه المقدس: صمت الفكر قبل أن يولد النور.

فما العنف الجامعي إلا مرآة مكسورة لزمنٍ غابت فيه الفكرة، وتوارى فيه الإنسان خلف ظله.











طباعة
  • المشاهدات: 13429
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-10-2025 09:39 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم