13-09-2025 04:30 PM
سرايا - هل شعرت يومًا أن مياهًا منكهة أو مشروبًا خالٍ من السكر يبدو وكأنه حلو بالفعل؟ يبدو أن السر لا يكمن في براعم التذوق وحدها، بل في طريقة تعامل الدماغ مع الروائح.
فقد كشفت دراسة جديدة صادرة عن معهد "كارولينسكا" المرموق في السويد، ونشرت في دورية Nature Communications، أن الدماغ يفسر بعض الروائح وكأنها مذاق حقيقي، بل ويعالجها مبكرًا فيما يعرف باسم "قشرة التذوق" قبل وصول الإشارات إلى مناطق الدماغ المرتبطة بالعاطفة والسلوك، وهو ما قد يفتح بابا غير مسبوق في مجال علاج السمنة.
الروائح والمذاق: تجربة مشتركة
فعندما نتناول طعامًا أو شرابًا، ما نشعر به ليس مجرد "طعم" بل تجربة كاملة تُسمى "النكهة"، تنشأ من تداخل المذاق مع الروائح التي تصل إلى الأنف عبر الفم، وهو ما يُعرف بـ"الشم الرجعي".
وقد اكتشف الباحثون في الدراسة الجديدة أن "قشرة التذوق" تتفاعل مع الروائح المرتبطة بالمذاق بنفس الطريقة التي تتفاعل بها مع المذاق الحقيقي، وهو ما يفسر لماذا نشعر أحيانًا أن المشروبات المنكهة خالية السكر حلوة بالفعل.
وقال بوتو أغوس خوريسانتونو، الباحث الرئيس في الدراسة: "قشرة التذوق استجابت للروائح المرتبطة بالمذاق كما لو كانت طعمًا حقيقيًا... هذا يوضح مدى قوة تكامل الروائح والمذاقات في جعل الطعام ممتعًا، وقد يفسر كيف تُحفّز بعض الروائح الرغبة الشديدة في الأكل وربما الإفراط في استهلاك بعض الأطعمة".
كيف جرت الدراسة؟
هذا وشارك في التجربة 25 شخصًا بالغًا من الأصحاء، تعلّموا أولًا التمييز بين الطعم الحلو والمالح عبر مزيج من التذوق والشم. ثم خضعوا لجلسات تصوير دماغي بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أثناء تعرّضهم إما لنكهة بلا طعم أو طعم بلا رائحة.
وباستخدام خوارزمية خاصة، تمكن الباحثون من التعرف على أنماط النشاط الدماغي المرتبطة بالطعمين، ثم ربطها بالروائح فقط.
وأظهرت النتائج أن الروائح التي تُدرك كحلوة أو مالحة حفزت نفس المناطق الدماغية التي ينشطها التذوق الفعلي، بل وأنتجت أنماط نشاط متشابهة، خصوصًا في الأجزاء المسؤولة عن دمج الانطباعات الحسية.
ماذا يعني ذلك لعاداتنا الغذائية؟
في السياق، رأت يانينا سيوبيرت، الباحثة المشاركة في الدراسة، أن هذه النتائج "توضح أن الدماغ لا يفصل بين الشم والتذوق، بل يبني تمثيلًا مشتركًا للنكهة في قشرة التذوق". وهذا الاكتشاف قد يساعد في فهم كيفية تشكّل تفضيلاتنا الغذائية، وكيف تؤثر الروائح في عاداتنا الغذائية.
إلى ذلك، قال خوريسانتونو: "نريد معرفة إن كان الدماغ يغير نمط نشاطه من المالح إلى الحلو عندما ننتقل مثلًا من ممر الأجبان إلى قسم الحلويات في السوبرماركت... ولو ثبت ذلك، فقد يكون له تأثير مباشر على قراراتنا الغذائية اليومية".
أبعاد عملية مستقبلية
يشار إلى أن هذا البحث قد يفتح آفاقًا في مجالات متعددة، من تطوير أطعمة ومشروبات منخفضة السكر بطعم أفضل، إلى استراتيجيات للحد من الإفراط في تناول الطعام. كما أنه يضيف لبنة جديدة في فهمنا لتعقيدات الدماغ البشري وعلاقته بالحواس، حيث يتضح أن "المذاق" ليس في الفم فقط، بل يبدأ في الدماغ.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-09-2025 04:30 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |