07-09-2025 03:06 PM
بقلم : فاطمة ابو عبدون
في كلمة مؤثرة ألقتها الملكة رانيا العبدالله خلال مشاركتها في مؤتمر “سيغلو المكسيك” في العاصمة مكسيكو سيتي بتاريخ 5 أيلول 2025، وجّهت جلالتها دعوة عالمية لإعادة النظر في معايير التقدّم والقيادة في زمن يموج بالأزمات والتحديات الأخلاقية.
غزة… العدسة التي تكشف الضمير الإنساني
أكدت الملكة أن غزة تمثل العدسة التي تجبر العالم على مواجهة الحقيقة الأخلاقية بوضوح. فالدمار والمجاعة والقتل المنهجي للمدنيين والأطباء والصحفيين ليست مجرد أخبار عابرة، بل هي جرس إنذار يفضح عجز الإنسانية عن حماية أضعف أبنائها.
الفوضى والتقنية… وتراجع البوصلة الأخلاقية
وحذّرت من أن عصر الذكاء الاصطناعي وما يرافقه من زخم معلوماتي هائل قد يساهم في طمس الحقائق الأساسية. لكنّ الملكة شددت على أن بعض المبادئ لا تقبل الجدل: لا يجوز قصف المستشفيات، ولا تجويع الأطفال، ولا استهداف طالبي المساعدة.
التقدّم ليس أرقاماً بل قيماً
طرحت الملكة رانيا سؤالاً محورياً: كيف نقيس التقدّم؟ وأجابت بأن التقدّم لا يُختزل في الناتج المحلي ولا في الأبراج الزجاجية، بل يُقاس بالرحمة والعدل والكرامة الإنسانية. القيادة الأصيلة ليست سلطة أو مكانة، بل حكمة نابعة من ثقافة تحترم الإنسان.
القيم المتجذّرة والهوية الراسخة
قدّمت الأردن مثالاً على دولة صغيرة بحجمها، لكنها كبيرة بقيمها. من تكريم الكبير إلى مواساة الحزين، ومن ترحيب الغريب بالقهوة والدفء إلى حماية اللاجئين ورفع صوت السلام… أكدت أن هذه الممارسات اليومية هي جوهر القيادة الحقيقية.
الإيمان كمرساة للأخلاق: الشاهد القرآني من سورة الحج
في ختام كلمتها، عادت الملكة إلى مرساتها الأخلاقية واستشهدت بآية من سورة الحج (46):
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
لتؤكد أن المشكلة ليست في عجز العيون عن الرؤية، بل في تعطّل البصيرة حين تُختزل الإنسانية إلى أرقام وخوارزميات. بهذا الاستحضار القرآني، ربطت الملكة بين مطلب التقدّم ومركزية الإنسان، داعيةً إلى إعادة تشغيل “عيون القلوب” كي نرى المعاناة بوضوح، ونختار الفعل الأخلاقي الشجاع على ضجيج البيانات وسرعة التقنية.
رسالة للشباب… حافظوا على ذاتكم
وجّهت الملكة رسالة خاصة للشباب، دعتهم فيها إلى الانفتاح على معارف العالم دون أن يفقدوا هويتهم أو يتخلوا عن جذورهم الأخلاقية، مؤكدة أن المستقبل بحاجة إلى قيادات شابة تحمل شعلة القيم بقدر ما تحمل من علم وتقنية.
أمم صغيرة… قيم كبيرة
وأضافت أن الأردن والمكسيك قد لا تحتلان مواقع متقدمة في التصنيفات الاقتصادية العالمية، لكنهما غنيتان بما هو أعمق: الالتزام بالحق والدفاع عن العدالة والكرامة الإنسانية.
الختام: الأخلاق هي البوصلة
أنهت الملكة رانيا كلمتها بالتأكيد أن العالم سيتسارع أكثر، وقد يشعر كثيرون أنهم يعيشون في “تيه أخلاقي”، لكن الثبات على المبادئ سيبقى المنارة الحقيقية. وأشادت بالشباب حول العالم الذين يرفعون أصواتهم من أجل فلسطين، مؤكدين أن غزة ليست مجرد جغرافيا، بل مرآة تُظهر معدن الإنسانية
بقلم المعلمة فاطمة ابو عبدون
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-09-2025 03:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |