07-09-2025 11:41 AM
بقلم : موفق عبدالحليم ابودلبوح
في كلّ رحلة حياة، يسير الإنسان محمّلًا بأحلامه، بآماله الصغيرة، بخيباته التي يخبّئها تحت جلده، وبأسئلته التي لا يجد لها وقتًا ولا شجاعة لمواجهتها نمضي، نركض، نكافح، نُراكم النجاحات ونختزن الانكسارات، متوهمين أن نهاية الطريق ستمنحنا شيئًا، ولكن أي شيء، يكافئ كل هذا العناء.
لكن، ماذا لو كانت النهاية… محطة اللا شيء؟
الإنسان بطبيعته كائن حركي، لا يطيق السكون تعلّم أن يسعى دائمًا نحو هدف ما، وأن يقيس نجاحه بمقدار ما أنجزه أو ما حصده لكن ليس كل حركة تنتهي بوصول، وليس كل طريق يؤدي إلى غاية أحيانًا، نستنزف أعمارنا في السعي، لنكتشف متأخرين أننا كنا نركض في دائرة مغلقة فمحطة اللا شيء ليست مكانًا محددًا، بل حالة وجودية يصلها الإنسان حين تتقاطع داخله كل المتضادات: الامتلاء والفراغ، الأمل والخذلان، السعي والتعب وهي لحظة تشبه الوصول، لكنها لا تحمل بهجة الوصول، ولا حتى مرارته.
في هذه المحطة، يتوقف الزمن كما نعرفه لا توجد ساعات، لا مواعيد، لا التزامات فقط نفسك، في مواجهة نفسك لا زخارف تحجبك، لا ضجيج يشتّتك وهنا، تتعرّى من كل ما ظننته ضروريًا: الألقاب، الإنجازات، العلاقات، وحتى الأحلام وتكتشف أن كثيرًا مما سعيت له، كان مجرد هروب أو محاولة لملء فراغٍ لم يكن يُملأ من الخارج أصلًا اللا شيء، رغم قسوته الظاهرة، يمكن أن يكون أصدق مرآة واجهتها في حياتك.
قد يُنظر إلى "محطة اللا شيء" كعلامة استسلام، أو كهاوية سقط فيها المرء بعد تعب طويل لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا
أحيانًا، يحتاج الإنسان أن يتوقف أن ينزع عنه كل ما تم تعليمه من "ضرورات الحياة"، أن يفرغ نفسه من كل الضجيج، ليعيد تشكيل ذاته، لا كما أرادها الآخرون، بل كما يريد هو — إن أراد شيئًا أصلًا.
الفراغ ليس دائمًا خطرًا أحيانًا، هو الأرض الوحيدة القادرة على إنبات شيء جديد، نقي، لا تشوبه شوائب التوقعات ولا ضغط النجاح رحلة العمر ليست خطًّا مستقيمًا من الميلاد إلى الإنجاز، بل مسار متعرج، مليء بالتحولات والتوقفات ومحطة اللا شيء ليست علامة فشل، بل قد تكون أكثر محطات الرحلة صدقًا وعمقًا.
إنها ليست نهاية، بل ربما، الفرصة الأولى للحياة… ولكن بوعيٍ مختلف.
موفق عبدالحليم ابودلبوح
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-09-2025 11:41 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |