06-09-2025 03:18 PM
سرايا - مع السقوط شبه المؤكد لحكومة فرنسوا بايرو، الإثنين، يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه مجدداً أمام معضلة سياسية شائكة لإيجاد خامس رئيس للوزراء منذ إعادة انتخابه في أيار/مايو 2022.
وتشهد فرنسا فترة من عدم الاستقرار السياسي غير المسبوق في ظل الجمهورية الخامسة، التي أُسست عام 1958، وذلك منذ قرار الرئيس حلّ الجمعية الوطنية في حزيران/يونيو 2024، عقب الفوز المدوي لليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.
يندّد حزب “فرنسا الأبية” بـ”طبخة كريهة” قد توصل “الحزب الاشتراكي” إلى الحكم بتحالف مع أنصار ماكرون
وأفرزت الانتخابات التشريعية المبكرة، التي تلت ثلاث كتل متقابلة من دون غالبية واضحة (تحالف يساري، تحالف لليمين الوسط، واليمين المتطرف)، ما جعل أي ائتلاف حكومي هشاً للغاية.
وطلب رئيس الوزراء التصويت على الثقة بحكومته على أساس مشروع ميزانية العام 2026، الذي ينص على خفض في النفقات قدره 44 مليار دولار، وإلغاء يومي عطلة رسمية للجم الدين العام الذي بلغ 114% من إجمالي الناتج المحلي.
وقد أعلن اليسار واليمين المتطرف معاً أنهما سيصوتان ضد المشروع، ما يجعل سقوط الحكومة أمراً محتوماً ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم اليقين السياسي في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.
حكومة جديدة، انتخابات أم استقالة؟
دعا مسؤولو “التجمع الوطني” (اليمين المتطرف) إلى “حل سريع جداً” للجمعية الوطنية، فيما تظهر نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن التجمع سيحلّ أولاً في الدورة الأولى من انتخابات محتملة.
وتطرّق ماكرون إلى هذا الاحتمال، مؤكداً أنه لا يريد اللجوء إليه، من دون أن يستبعده رسمياً. ويرى ماتيو غالار، من معهد “إيبسوس”، أن حلّ البرلمان “لن يغيّر على الأرجح” الوضع، مؤكداً: “استناداً إلى نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة تبقى موازين القوى عموماً على حالها مقارنة بعام 2024”.
أما حزب “فرنسا الأبية” اليساري الراديكالي، فيدعو من جهته إلى استقالة ماكرون.
وأظهر استطلاع للرأي، نُشر الخميس، أن 64% من الفرنسيين يريدون انتخابات رئاسية مبكرة. لكن الرئيس أكد، في نهاية آب/أغسطس، أنه سيكمل ولايته حتى نهايتها عام 2027، مفضّلاً إيجاد رئيس جديد للوزراء.
حكومة، لكن بمشاركة من؟
كان “الحزب الاشتراكي”، الذي يملك 66 نائباً، الأكثر استعداداً لطرح بديل، مقترحاً ميزانية تتضمن خفضاً قدره 22 مليار يورو عبر فرض ضريبة نسبتها 2% على الثروات التي تزيد عن مئة مليون يورو، فضلاً عن تعليق إصلاح نظام التقاعد الصادر عام 2023.
لكن الحصول على دعم غالبية نيابية استناداً إلى هذا البرنامج لن يكون سهلاً. فقد يؤدي هذا الخيار إلى انسحاب “حزب الجمهوريين” اليميني (49 نائباً) من الائتلاف الحكومي الحالي، وكذلك حزب “آفاق” (أوريزون)، بزعامة رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب (34 نائباً)، وحتى الحركة الديمقراطية (موديم) بزعامة فرنسوا بايرو (36 نائباً).
في معسكر اليسار، يندّد حزب “فرنسا الأبية” (71 نائباً)، الحليف الانتخابي للاشتراكيين العام الماضي، بـ”طبخة كريهة” قد توصل “الحزب الاشتراكي” إلى الحكم بتحالف مع أنصار ماكرون.
لذلك، يبقى الحل ربما في تعيين رئيس وزراء لا ينتمي إلى “الحزب الاشتراكي”، يكون مقبولاً من شريحة واسعة تمتد من اليمين الوسط إلى الاشتراكيين.
نداء واسع الانتشار على شبكات التواصل الاجتماعي يدعو إلى “شلّ الحركة بالكامل” في العاشر من أيلول/سبتمبر
ويرى برونو كوتريس، الخبير السياسي في معهد “سيفيبوف”، أن “ما من كتلة حالياً تملك شرعية انتخابية لإجراء إصلاحات واسعة، على غرار ما كان يطمح إليه بايرو”.
ويضيف: “ربما يكون الحل بالتهدئة، على أن يُفتح نقاش واسع حول المالية العامة عام 2027، مع محاولة إيجاد شخصية تطمئن الأسواق المالية والبلاد”، مشيراً إلى رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون-بيفيه ووزير الاقتصاد إريك لومبار.
هل فقد الفرنسيون أوهامهم؟
تأتي هذه الأزمة السياسية في سياق جو من انعدام الثقة بالطبقة السياسية، إذ اعتبر 90% من الفرنسيين، في استطلاع للرأي نُشر الأربعاء، أن السياسيين “لم يثبتوا فاعليتهم في الاستجابة لمشاكل البلاد”.
ويضاف إلى ذلك نداء واسع الانتشار على شبكات التواصل الاجتماعي، منذ الصيف، يدعو إلى “شلّ الحركة بالكامل” في العاشر من أيلول/سبتمبر.
وتشمل هذه التعبئة، التي لا يمكن التنبؤ بحجمها، أطرافاً غير منخرطة حزبياً لكنها تميل عادة إلى اليسار، مثل حركة “السترات الصفراء”، إلى جانب ناشطين من أحزاب يسارية ونقابات مثل “الاتحاد العمالي العام”، الذي دعا إلى إضراب في ذلك اليوم.
ودعت كل النقابات إلى إضراب وتظاهرات. وفي حال نجاحها، قد تضغط هذه التحركات على النقاشات الحكومية، بحسب ماتيو غالار، موضحاً: “ستضعف الرئيس وتدفع القوى اليسارية والتجمع الوطني إلى نوع من المزايدات”.
(أ ف ب)
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-09-2025 03:18 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |