03-09-2025 11:52 AM
بقلم : ماجد الفاعوري
الأرض حياة والحقوق عقد لا مكرمة والكفاءات الغائبة سؤال إلى دولة الرئيس جعفر حسان
من طوابير التنمية والإعلام المسير إلى غياب الكفاءات: هل نحن أبناء وطن أم قطعان تبحث عن حظائر
الشباب نهضة والطفل مستقبل لكن غياب الكفاءات يجعل الحقوق مكرمات
النهضة لا تولد بالمكرمات بل بالكفاءات الغائبة بين أروقة الدولة وأحلام المواطن
الأرض حياة والطفل مستقبل والشباب نهضة هكذا تعلمنا من بديهيات السياسة الوطنية التي لا يختلف عليها اثنان غير أن واقع الحال يكشف مسارا مختلفا حيث تحولت حياة الناس الى مكرمات تعطى وتمنح وكأنها منة وليست حقا دستوريا للمواطن فمن يسأل اليوم عن مجتمع الكفاءات ومن يملك الشجاعة ليقول لدولة الرئيس جعفر حسان إن غياب الكفاءات المنظمة يخلق فراغا ويتيح للشللية والزبائنية أن تتحكم بالمشهد
لقد كان الشهيد وصفي التل يقول إن الأمة التي لا تصون كرامة أبنائها لا تستحق البقاء وكان الأب الباني الملك الحسين بن طلال رحمه الله يردد أن الإنسان أغلى ما نملك
واليوم نرى أن المواطن يختزل في بطاقة انتخابية تستحضر في موسم محدد ثم تعود لتغيب بين دهاليز الإدارات ومعاملات البيروقراطية
الحق الوطني لا يكون منة ولا إحسانا بل هو عقد اجتماعي يحكم العلاقة بين الدولة والشعب وبهذا العقد ينهض الوطن لأن التنمية ليست كلمة بل فعل وتراكم ومؤسسات حقيقية يشارك بها أصحاب الكفاءة لا من يقترب من مراكز النفوذ عبر القرابة والولاء الشخصي وقد كتبت في احدى مقالاتي أن غياب الكفاءات عن صناعة القرار جعل الدولة تسير ببطء في مسار الإصلاح وأصبحت عاجزة عن تقديم إجابات حقيقية لمطالب الناس
السؤال الجوهري لدولة الرئيس جعفر حسان أين هو الإطار الذي يجمع الكفاءات هل نحن قطعان تبحثون لها عن حظائر سياسية واجتماعية أم أننا أبناء وطن نملك العقول والقدرة ونبحث عن فرصة عادلة لقد أشار جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر من ورقة نقاشية إلى أن الشباب هم عماد التغيير وأن الدولة الحديثة لا تقوم إلا على استثمار عقولهم وتجاربهم لكن ما يحدث أن الفرص تضيع والنهضة تبقى شعارات متفرقة
إن الأرض التي ورثناها عن الأجداد ليست عقارا للتقسيم والمكرمات بل مشروع حياة كامل يحتاج لرجال دولة ومجتمع كفاءات قادرين على تحويلها الى قيمة إنتاجية تحفظ الكرامة وتفتح الآفاق وإن الطفل الذي يولد اليوم لا يحتاج لخطاب سياسي بل لمدرسة متطورة ونظام صحي عادل ومستقبل مفتوح أمامه وإن الشاب الذي ينتظر دوره في النهضة لا يطلب سوى أن يعامل كمواطن كامل الحقوق لا كرقم ينتظر مكرمة
التاريخ يعلمنا أن الدول التي صعدت الى النهضة فعلت ذلك عبر الكفاءات لا عبر المحسوبيات فقد كتب مالك بن نبي أن المجتمعات لا تنهض بالهبات بل بالإنسان الفاعل الحر المنتج وهنا تطرح المسؤولية على القيادة السياسية أن تعيد الاعتبار لعقدها مع الشعب وأن تفتح المجال أمام أهل الخبرة والعلم والفكر ليشاركوا في صياغة القرار
وهنا لا يمكن إغفال حق التعليم فهو الركيزة الأولى في بناء أي مجتمع متماسك لكن واقع التعليم اليوم يعاني من غياب العدالة في التوزيع ومن نقص التخصصات الدقيقة التي يحتاجها الوطن وخاصة في القطاع الطبي حيث نشهد طلابا يدرسون سنوات طويلة ثم يقفون عاجزين أمام ندرة فرص التدريب والتخصص في مجالات الطب الحيوية بينما يضطر آخرون للسفر بحثا عن فرصة تكمل مسارهم العلمي وفي الداخل يقف المواطن في طوابير طويلة أمام المراكز الصحية والمستشفيات منتظرا علاجا أو موعدا يطول أمده والسبب ليس في نقص الطلبة ولا في غياب الطموح بل في غياب السياسات الجادة التي تخطط للمستقبل بعقلية وطنية
أما دور التنمية الاجتماعية فقد تحول إلى طوابير انتظار أخرى إذ يقف آلاف المواطنين على أبواب المساعدات يطلبون حقهم في العيش الكريم وكأن الفقر أصبح قدر الناس لا نتيجة لضعف السياسات الاقتصادية وهشاشة النمو وغياب الخطط التي تفتح أبواب الإنتاج إن التنمية الحقيقية ليست في دفتر مكرمة ولا في طرد غذائي بل في مشروع إنتاجي يتيح للإنسان أن يعمل ويشعر بكرامته
النمو الاقتصادي بدوره ظل رقما على الورق لا ينعكس على حياة المواطن العادي فنحن نسمع عن نسب وتحليلات لكننا لا نرى أثرا في السوق أو في الجيب أو في فرص العمل إن الكفاءات الاقتصادية موجودة ولكنها مقصاة والمشاريع تذهب في اتجاه غير مدروس حتى غدا الشباب يهاجرون أو يقفون على أبواب الوظيفة ينتظرون دورا قد لا يأتي
ولعل الإعلام كان يفترض أن يكون أداة رقابة وشريك بناء لكنه تحول إلى إعلام مسير يكتفي بترديد البيانات الرسمية وتلميع الوجوه دون أن يطرح الأسئلة الكبرى التي تهم المواطن الإعلام الوطني الحق لا يكون بوقا بل ضمير أمة يفتح الملفات وينحاز للحقيقة وفي غياب هذا الدور بقيت القضايا الكبرى معلقة وضاعت فرص الإصلاح لأن الصوت الوحيد الذي يسمعه الناس هو صوت التوجيه لا صوت النقد البنّاء
دولة الرئيس جعفر حسان إن المسؤولية تقتضي أن نعيد الاعتبار لحقوق المواطن التي نص عليها الدستور وفي مقدمتها التعليم والعمل والصحة والكرامة وأن نجعل من الإعلام منبرا للشعب لا حظيرة للولاء الأعمى بدون هدف الا المصالح الشخصية وأن نفتح الطريق أمام الكفاءات كي تبني وطنا يقف على قدميه لأن الأرض حياة والطفل مستقبل والشباب نهضة أما الحقوق فهي أساس العقد الاجتماعي ولا يجوز أن تختزل في مكرمات أو شعارات عابرة بل يجب أن تكون سياسة دولة وواقع حياة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-09-2025 11:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |