حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 10033

د. عامر عبد الرؤوف السعايده يكتب: الدينار الأردني الرقمي خيار لا يحتمل التأجيل

د. عامر عبد الرؤوف السعايده يكتب: الدينار الأردني الرقمي خيار لا يحتمل التأجيل

د. عامر عبد الرؤوف السعايده يكتب: الدينار الأردني الرقمي خيار لا يحتمل التأجيل

24-08-2025 09:14 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور عامر عبد الرؤوف السعايده
في خضم ثورة تكنولوجية مالية متسارعة تسير باتجاه إعادة تشكيل العالم، ونحن على أعتاب الثورة الصناعية الخامسة، باتت العملات الوطنية أمام منعطف تاريخي إما البقاء بشكل تقليدي أو مواكبة التطور والتحول نحو الرقمنة، إنه اختبار حقيقي يخيم على جميع العملات الوطنية دون استثناء. فكل شيء يتغير بسرعة وها هو العالم المتقدم يتجه بتسارع هائل نحو الرقمنة، إذ باتت الكثير من الدول الكبرى على وشك إطلاق عملاتها الرقمية عبر بنوكها المركزية، في ذات السياق تواصل العملات المشفرة والمستقرة التوسع والاستحواذ على حصص متزايدة في المعاملات المالية العالمية. وسط كل ذلك، يقف الأردن أمام خيار مصيري، هل يستمر في مساره التقليدي أم يواكب هذه الموجة العالمية بخطوة مدروسة نحو الدينار الرقمي؟

وسط هذه المتغيرات، أين يقف الأردن؟ وهل يمكنه البقاء متفرجًا بينما تتحول أنظمة الدفع العالمية إلى شبكات رقمية آنية، وتستعد الولايات المتحدة لإطلاق "الدولار الرقمي" الذي قد يهيمن على النظام المالي العالمي؟
الدينار الأردني، ورقة الاستقرار النقدي التي طالما افتخرنا بها، بُنيت قوته على ارتباطه بالدولار منذ عقود. هذا الارتباط منحنا حماية من تقلبات التضخم الإقليمي، وجذب الثقة في اقتصاد يحيط به بحر من الاضطرابات. لكن الحقيقة المؤلمة هي أن هذه الميزة نفسها قد تتحول إلى عبء إن لم نتحرك الآن. فحين يطرح الفيدرالي الأمريكي عملته الرقمية، سيصبح الدولار أكثر هيمنة وسرعة وجاذبية. عندها، هل سيظل ارتباطنا بالدولار ميزة تنافسية، أم سيتحوّل إلى نقطة ضعف تكشف تأخرنا عن الركب؟
الأمر لا يتعلق بالتكنولوجيا وحدها، بل بالسيادة الاقتصادية نفسها. فالاعتماد المفرط على أنظمة مالية تقليدية في عالم يتحرك نحو اللحظة الرقمية يعني أننا نخاطر بأن نصبح مجرد مستهلكين في اقتصاد عالمي جديد، بدل أن نكون مشاركين فاعلين فيه.
إطلاق "الدينار الرقمي" ليس رفاهية، بل ضرورة إستراتيجية. تخيلوا تحويلات مالية فورية للمغتربين تصل في ثوانٍ دون وسطاء باهظي التكلفة، اقتصادًا أكثر شفافية يحد من التهرب الضريبي والفساد، واستثمارات أجنبية تتدفق بفضل بيئة مالية حديثة وآمنة. هذه ليست وعودًا نظرية؛ إنها فرص حقيقية أثبتتها تجارب دول سبقتنا بخطوات.
لكننا يجب أن نكون واقعيين، التحول الرقمي لن يكون سهلًا، لأنه سيتطلب إصلاحًا جذريًا لأنظمة البنوك وسياساتها، وتدريبًا للكوادر، وتحديثًا للبنية التحتية، وإطارًا تشريعيًا متينًا يحمي المستهلك ويضمن التوازن بين الابتكار والاستقرار. السؤال الآن هو، هل لدينا الإرادة لقيادة هذا التحول، أم سننتظر حتى تفرضه الظروف علينا؟
في عالم لا ينتظر أحدًا، بات التأخير ليس حيادًا، بل خسارة مؤكدة، وإذا كان الدينار قد حافظ على مكانته لعقود بفضل سياسة نقدية حصيفة، فإنّ حمايته اليوم تتطلب شجاعة في مواجهة المستقبل، لا الاكتفاء بالاحتماء بالماضي. فنحن على ثقة تامة برصانة إدارة السياسة النقدية والمالية في بلادنا، إلا أنه لا بد من اتخاذ إجراءات نحو رقمنة العملة.
خلاصة القول؛ لم يعد السؤال ما إذا كان الأردن سيتجه نحو الدينار الرقمي، بل متى وكيف؟ لأن الرهان اليوم لم يعد على التكنولوجيا بحد ذاتها، بل على القدرة على استثمارها لتعزيز القوة الاقتصادية، وحماية الاستقرار المالي، وتقديم تجربة أفضل للمواطن والمستثمر على حد سواء. فالأردن أمام فرصة تاريخية ليكون في طليعة الرقمنة المالية في المنطقة، أو أن يجد نفسه بعد سنوات قليلة يواجه سؤالًا محرجًا، لماذا تأخرنا؟.


الدكتور عامر عبد الرؤوف السعايده
Amer.abbadi@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 10033
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-08-2025 09:14 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم