18-08-2025 09:47 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
إنها مسألة وقت، والوقت هنا حد فاصل في الصراع الذي تعيشه المنطقة بسبب غياب الحد الأدنى من المنطق على مستوى القيادة الإسرائيلية التي أصبحت تفسر التطورات الأخيرة في المنطقة، وما تحصل عليه من دعم عسكري ومادي غربي دعما ربانيا من أجل إقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى.
قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قد أقنع نفسه بأن حصيلة ما جرى منذ السابع من أكتوبر 2023 يدل على أن المعجزات التي يؤمن أو يدعي أنه يؤمن بها قد تحققت جزئيا وأن معجزة إسرائيل الكبرى، وإقامة هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى المبارك يمكن أن تحدث، معتقدا أن تدمير غزة وعمليات القتل الجماعية لأهلها انتصار ساحق يستطيع البناء عليه مثلما هو الحال في جنوب لبنان وفي سورية، وفي تلبيس شبح إيران للرئيس الأميركي ترامب إلى جانب الكثير من العوامل الإقليمية التي تجعله يرسم خطوطا وهمية لمنطقة عربية شاسعة يتصور أنها ستكون تحت قبضته!
تصور من هذا النوع يحتاج بالطبع إلى ادعاء ديني يحاكي النبوءات التوراتية والخزعبلات الموروثة، وإلا كيف يمكن وضع النظام العالمي للدول وراء الظهر، والتعامل مع المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية كأنها ليست قائمة لا بنصوصها القانونية ولا بهيئاتها ولا مؤسساتها المعروفة، فليس أمام رئيس وزراء إسرائيل أو رئيس حالتها اليمينية البائسة إلا أن يتحدث بهذه الطريقة، ويستمتع بردود الأفعال التي تجعل الجماعات اليهودية تظن أنه قادر بكلمات قليلة أن يقلب كل الموازين في هذه المنطقة من العالم.
في المقابل هو يغمض عينيه لكي لا يرى الحقائق وليعيش في الخيالات، إنه في الحقيقة لا يريد أن يرى (الأزمة الكبرى) التي وضع نفسه فيها، ومعه مستقبل إسرائيل التي لا يمسكها عن حرب أهلية سوى شرارة يمكن أن يقدحها شخص عادي من جماعات دينية أو غير دينية، في وقت يتصاعد فيه عدد المهاجرين منها إلى بقاع الأرض كل يوم، وهم في معظمهم من طبقات علمية وفكرية وثقافية عالية الشأن، خاب أملها في تجسيد أي نوع من التعايش على المستوى المحلي، ومن تحقيق سلام دائم يقوم على منح الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه، وقد أصبحوا على يقين أن إسرائيل لم تعد مكانا يصلح للعيش لهم ولا لمستقبل أبنائهم.
الأزمات التي تتكون منها أزمته الشخصية، وأزمة إسرائيل الكبرى تتجاوز حدود الواقعية والموضوعية، وبعض القوى المؤيدة لإسرائيل بدأت تشعر بأن تيار اليمين يغامر بكل شيء، وأن تكرار القادة لتعبير (الحرب الوجودية) سيقود الجميع خارج السياق، وقد تصبح المعادلة من خريطة يحلم نتنياهو بالسيطرة عليها إلى خريطة لا وجود لإسرائيل فيها!
نعم تلك هي أزمتهم الكبرى، وفي اعتقادي أن ما صرح به نتنياهو يعكس حجم الأزمة التي صنعها لنفسه ولقومه، وهي أزمة تفرض نوعا من المراجعة الصارمة لعلاقة ذلك الكيان بالشرعية الدولية وبالقانون الدولي وبما يشكله من تهديد دائم للأمن الإقليمي والدولي، وتلك المراجعة يجب أن تشمل جميع القوى العالمية التي يتباهى بها حين يستعرض عضلاته المزيفة ولكن المراجعة الحقيقية والأكثر أهمية وإلحاحا هي المراجعة الفلسطينية الداخلية، والمراجعة العربية لمجمل الصراع العربي الإسرائيلي بتعريفه القديم والجديد على حد سواء!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-08-2025 09:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |