14-08-2025 04:40 PM
بقلم : أ.د. جبريل الطورة
في لحظة من لحظات الغرور السياسي، خرج بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية بتهم جرائم حرب، ليعلن ما يسميه "رؤية إسرائيل الكبرى". حلمٌ يتجاوز حدود فلسطين ليبتلع أراضي عربية أخرى، وكأن الجغرافيا مجرد لوحة على مكتبه يمكنه إعادة رسمها بمداد من الدماء والدمار. هذه "الرؤية" ليست سوى إعادة إنتاج لخطاب استعماري بائد، يقوم على الاحتلال والتهجير وتجويع الشعوب. كيف يمكن لرجلٍ يده ملطخة بدماء أطفال غزة، الذي حوّل الحصار إلى سلاح، ومنع الماء والدواء والغذاء عن المدنيين، أن يتحدث عن "مهمة تاريخية" و"روحانية"؟ أي تاريخ هذا الذي يبدأ بالمجازر وينتهي بالمقابر؟
يرى نتنياهو نفسه صانعًا لتاريخ جديد، لكن التاريخ الذي سيذكره هو تاريخ الجرائم: قتل المدنيين، قصف المستشفيات، تجويع الأسر، ودفن الطفولة تحت الركام. هذه ليست ملامح دولة قوية، بل أعراض مرحلة سقوط، حيث تتحول الأوهام الكبرى إلى هزائم مُذلة. من عمّان، نقول لنتنياهو: الأردن ليس ساحة في خريطة أو حلمٍ في رأس محتل. هذه الأرض تعرف أبناءها، وتعرف من يقف على حدودها. بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، نؤكد أن قتل أطفال غزة وتجويعهم لن يقتل إرادة الشعوب أو ذاكرة الأمة، وأن أي مشروع توسعي سيجد أمامه جدارًا من الصمود لا يمكن اختراقه.
ومهما طال به الطريق، فإن خريطة نتنياهو الحقيقية ليست "إسرائيل الكبرى"، بل زنزانة صغيرة في لاهاي، حيث يواجه العالم جرائمه. هناك فقط، سيتذوق طعم العدالة التي طالما حاول الهروب منها، وسيكتشف أن حلمه الأكبر انتهى إلى حقيقة أصغر بكثير مما تخيل. فالتاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى، والعدالة قد تتأخر… لكنها لا تغيب. وكل “إمبراطوريات الدم” تنتهي إلى شيء واحد… مزبلة التاريخ، وهناك مقعد بانتظارك، وكُتب عليه اسمك بأحرف من العار: بنيامين نتنياهو – مجرم حرب.
اليوم، لا يكفي الغضب وحده، ولا تكفي بيانات الشجب والاستنكار. ما قاله نتنياهو ليس مجرد تصريح سياسي، بل إعلان نوايا عدوانية ضد فلسطين والأردن وكل المنطقة العربية. هذه لحظة اختبار حقيقية للضمير العربي، تستدعي موقفًا موحدًا، وتحركًا دبلوماسيًا وقانونيًا عاجلًا، ومقاومة شاملة في كل الميادين. فإما أن نواجه هذا المشروع الاستعماري، أو نتركه يتمدد حتى يبتلع حاضرنا ومستقبلنا.
بقلم: ا.د. جبريل الطورة
ناشط سياسي أردني.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-08-2025 04:40 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |