29-07-2025 12:16 AM
سرايا - ي لحظةٍ توقّف فيها الزمن، وصمتت فيها الأنغام، وقفت فيروز كشجرةٍ عتيقةٍ تتحدى العاصفة، لكنّ جذورها تنزف. لم تُغنِّ هذه المرة، بل تركت صمتها يُغني مرثيةً لم تُكتب. في وداع زياد الرحباني، ابنها ورفيق دربها الفني، بدت السيدة كأنها تحمل الوطن بأكمله على كتفيها، وفي عينيها بحرٌ من الذكريات يتكسر على صخرة الفقد.
الفنان الأردني منذر رياحنه الذي ينسج من الحزن شعرًا، كتب عن تلك اللحظة لوحةً من الكلمات، حيث الصمت أبلغ من كل نشيد. في منشوره المؤثر، وصف فيروز وهي تقف أمام نعش زياد، لا كأمٍّ فحسب، بل كرمزٍ للألم النبيل، كأيقونةٍ تختصر تاريخًا من الألحان والوجع والعبقرية.
"كانت هناك، شامخة كجبل، مكسورة كقلب أم"، هكذا كتب، فاختصر في سطرٍ واحد ما عجزت عنه العدسات والكلمات.
كتب رياحنه في منشور مؤثّر عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي :
"رأينا فيروز... لا بصوتها، بل بصمتها. كانت هناك، شامخة كجبل، مكسورة كقلب أم. لم تغنِّ هذه المرة، فالحزن أكبر من كل الألحان. في جنازة زياد، لم تقف السيدة فيروز فقط أمام ابنها، بل أمام عمرٍ كامل من الذكريات، أمام موسيقى ووجع وفوضى عبقرية... مشهدها وحده كان مرثية صامتة، وصلاة لا تُقال بالكلمات..."
في سطرٍ واحد، اختصر رياحنه ما لم تستطع الكاميرات وصفه الوجع في صمت فيروز:
لقد بدت السيدة، التي لطالما غنّت للوطن والحب والحنين، عاجزة عن الغناء. لأنها لم تكن تودّع زياد فقط، بل تودّع قطعة من ذاتها، شريكًا في اللحن، ونقيضًا في العبقرية، وابنًا لا يشبه أحدًا إلا العبقرية نفسها
ليس غريبًا أن تصدر هذه الكلمات من منذر رياحنه، الفنان المعروف بحسّه الإنساني العالي، وقدرته على التقاط الجمال حتى في لحظات الفقد. كلماته هذه لم تكن مجرّد تأبين، بل كانت وقفة وفاء للفن، ولأم صنعت من صوتها صلاة، ومن صمتها نشيدًا أخيرًا.
في زمنٍ تتسارع فيه الأخبار وتُفقد المعاني، تأتي كلمات رياحنه لتعيد تعريف الحزن النبيل، ولتؤكّد أن الرحيل لا يحتاج صوتًا عالياً ليؤلم… بل يكفي أن تصمت فيروز.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-07-2025 12:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |