سرايا - لا يخلو مجتمع من الحديث عن "العين" و"السحر"، حيث تُنسب إليهما في كثير من الأحيان مشكلات صحية أو نفسية يعجز أصحابها عن تفسيرها علميًا. وبين مؤمن ومشكك، يبقى السؤال حاضرًا: كيف يمكن للإنسان أن يحصن نفسه من تأثير هذه الأمور التي يعترف بها الدين ويحذر منها العلم؟

بحسب ما تؤكده دار الإفتاء الأردنية، فإن الإسلام لا ينكر وجود العين أو السحر، بل يعتبرهما من الأمور الواقعة، لكنه يوجّه المسلمين إلى طرق مشروعة وواضحة للوقاية، في مقدمتها الالتزام بقراءة القرآن الكريم، لا سيما سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وسور الإخلاص والفلق والناس، والمداومة على أذكار الصباح والمساء التي وردت في السنّة النبوية، لما لها من أثر في تحصين النفس وتهدئة القلب.

الرقية الشرعية، سواء بقراءتها الإنسان على نفسه أو بطلبها من شخص معروف بالصلاح والعلم، تعد من الوسائل الفعالة في هذا الباب، شريطة أن تكون خالية من أي طقوس أو طلاسم مخالفة للشريعة. أما اللجوء إلى المشعوذين والدجالين، فهو أمر محرم شرعًا، ويُعد بابًا واسعًا للاستغلال والابتزاز العاطفي والمادي، حيث يستغل بعض الأشخاص آلام الناس ومعاناتهم مقابل وعود كاذبة.

من ناحية أخرى، يحذر متخصصون في علم النفس من أن الانشغال الزائد بفكرة السحر والعين قد يفتح الباب أمام أمراض نفسية حقيقية، مثل الاكتئاب أو الوسواس القهري، داعين إلى التوازن بين الإيمان والتفكير المنطقي. كثير من الحالات التي يُعتقد أنها ناتجة عن سحر أو عين، تبيّن لاحقًا أنها أمراض عضوية أو نفسية قابلة للعلاج بالطرق الطبية والعلمية، وهو ما يتطلب وعيًا وعدم الانسياق وراء التفسيرات الغيبية دون دليل.

التحصين لا يكون بالخوف، بل بالعلم والدعاء والطمأنينة، فالدين الإسلامي يدعو إلى الثقة بالله والتوكل عليه، مع أخذ الأسباب والاحتياطات. من أبرز النصائح التي يوصي بها العلماء والمختصون؛ المداومة على الصلاة والأذكار، تجنب التباهي المفرط بالنعم على وسائل التواصل الاجتماعي، الحفاظ على الخصوصية، والامتناع التام عن الذهاب إلى السحرة أو تصديقهم.

وفي النهاية، تبقى الحماية الحقيقية في قوة الإيمان، وطمأنينة القلب، واللجوء إلى الله في كل حين، دون مبالغة أو تهويل، فالدين والعلم يجتمعان على أن الوقاية تبدأ من الداخل، ومن وعي الإنسان بخطورة الانجراف وراء الوهم، أو التساهل في التعلق بما لم يُثبت بالدليل أو لم يُفهم بالعقل.