حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,25 يوليو, 2025 م
  • الصفحة الرئيسية
  • كُتاب سرايا
  • أ.د غازي الرقيبات يكتب: الاستثمار في الأردن بين الواقع والمأمول: "قراءة في التحولات والمعيقات والحاجة إلى عمل مؤسسي راسخ"
طباعة
  • المشاهدات: 6328

أ.د غازي الرقيبات يكتب: الاستثمار في الأردن بين الواقع والمأمول: "قراءة في التحولات والمعيقات والحاجة إلى عمل مؤسسي راسخ"

أ.د غازي الرقيبات يكتب: الاستثمار في الأردن بين الواقع والمأمول: "قراءة في التحولات والمعيقات والحاجة إلى عمل مؤسسي راسخ"

أ.د غازي الرقيبات يكتب: الاستثمار في الأردن بين الواقع والمأمول: "قراءة في التحولات والمعيقات والحاجة إلى عمل مؤسسي راسخ"

22-07-2025 12:16 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. غازي عبدالمجيد الرقيبات
يمثل الاستثمار العمود الفقري لأي اقتصاد يسعى للنمو والاستدامة، فهو ليس فقط أداة لتعزيز الناتج المحلي، بل وسيلة جوهرية لتوليد فرص العمل، ونقل التكنولوجيا، ورفع الكفاءة الإنتاجية. وفي السياق الأردني، تزايدت الدعوات إلى تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، بوصفه مدخلًا رئيسيًا لمعالجة التحديات الاقتصادية البنيوية التي تعاني منها البلاد، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، وضيق القاعدة الإنتاجية، وتباطؤ النمو، لكن بين طموحات السياسات الحكومية والتطلعات التنموية من جهة، والواقع الاستثماري المليء بالتحديات من جهة أخرى، تتبدى فجوة عميقة تستدعي الوقوف عندها بعين التقييم والتحليل، بعيدًا عن الخطاب الإنشائي، وبمنهجية مؤسسية تضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الفردية والقرارات الارتجالية.

أولاً: مناخ الاستثمار في الأردن " تحولات بطيئة ومقاومة هيكلية"
شهدت بيئة الاستثمار الأردنية خلال العقدين الماضيين سلسلة من محاولات الإصلاح، أبرزها صدور قانون الاستثمار الموحد، وتأسيس هيئة تشجيع الاستثمار، وتقديم مجموعة من الحوافز في المناطق التنموية والصناعية. إلا أن هذه الخطوات، على أهميتها، ظلت في كثير من الأحيان مرتهنة لمنطق إدارة الأزمات لا منطق التخطيط الاستراتيجي، وغالبًا ما افتقرت للاستمرارية، مما جعل نتائجها محدودة التأثير، قصيرة الأجل، ولا تزال التحديات الهيكلية تعيق تدفق الاستثمارات، وفي مقدمتها:
تعقيد الإجراءات وكثرة المرجعيات، ما يعكس غياب التنسيق المؤسسي، ويدفع المستثمر إلى متاهة من المعاملات.القرارات المزاجية المتذبذبة، التي تُتخذ أحيانًا دون دراسات جدوى واضحة أو آليات متابعة.
تغيّر السياسات الضريبية والتشريعية، مما يخل بمبدأ الاستقرار القانوني الضروري لأي استثمار طويل الأجل. كلفة الطاقة والإنتاج المرتفعة، التي تُفقد الأردن ميزته التنافسية، لا سيما في القطاعات الصناعية.
ثانيًا: الحاجة إلى عمل مؤسسي من "الشخصنة" إلى "الحوكمة". فلا يمكن بناء بيئة استثمارية فاعلة ومستقرة دون التحول من الإدارة الفردية القائمة على المزاج والاجتهادات الشخصية إلى إدارة مؤسسية تعتمد على القانون، والبيانات، ومؤشرات الأداء، فالعمل المؤسسي لا يعني فقط وجود هيئات وتنظيمات رسمية، بل يتطلب وجود بنية مؤسسية رشيدة تحكمها منظومة من:

الشفافية والمساءلة: بحيث تخضع القرارات الاستثمارية لمراجعة مؤسسية لا لمجاملات أو مصالح ضيقة، من جانب آخر الحوكمة الرشيدة: التي تعني وجود آليات واضحة للفصل بين السلطات التنفيذية والرقابية، ومنع تضارب المصالح، كذلك الاستقرار التشريعي: بما يضمن بقاء القوانين الاقتصادية دون تغيير جذري مع كل دورة سياسية جديدة، أيضا مركزية القرار الاستثماري في جهة واحدة مستقلة، تُدار بكفاءات فنية عالية، بعيدًا عن الضغوط الحكومية، فالتجارب الدولية الناجحة، من سنغافورة إلى رواندا، أثبتت أن الثقة الاستثمارية لا تُبنى بالخطابات، بل بالحوكمة، والاستقرار، والجدية المؤسسية.

ثالثًا: الاستثمار المأمول (قطاعات واعدة تنتظر التحرير),
رغم المعوقات، لا يزال الأردن يمتلك قطاعات ذات إمكانات عالية للنمو، إذا ما توفرت لها البيئة المناسبة. من أبرز هذه القطاعات:
تكنولوجيا المعلومات والابتكار الرقمي: قطاع صاعد قادر على تجاوز الجغرافيا وتحقيق القيمة المضافة، الطاقة المتجددة: حيث يتمتع الأردن بإشعاع شمسي ورياح تؤهله ليكون مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة، السياحة العلاجية والتعليمية: بفضل ما يمتلكه من موارد بشرية مؤهلة، ومؤسسات طبية وتعليمية ذات مستوى إقليمي مرموق.

الخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية: خاصة مع قربه من أسواق إقليمية واسعة، لكن هذه القطاعات لن تنمو تلقائيًا، ما لم تُعالج المعيقات البنيوية، ويُعاد تعريف دور الدولة من "المسيطر" إلى "المُمكِّن" و"المنظّم".

وختاما ولتحقيق رؤية اقتصادية تتجاوز اللحظة، فإن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في جذب رؤوس الأموال، بل في بناء منظومة استثمارية مستدامة تستند إلى عمل مؤسسي محكم، قادر على تجاوز التقلبات، والعقليات الفردية، والتوجهات القصيرة الأمد. فحين تُدار الموارد والعلاقات الاقتصادية بقدر عالٍ من الحوكمة، وتنمو المؤسسات على أساس من الكفاءة، سيتحول الاستثمار في الأردن من فرصة ضائعة إلى رافعة تنموية شاملة.

المطلوب ليس مزيدًا من الخطط، بل التزامًا حقيقيًا بتطبيق ما هو معلن، وربط القول بالفعل، وإرساء بيئة تشريعية وإدارية تتسم بالثبات، والوضوح، والعقلانية. حينها فقط يمكن الحديث عن استثمار مأمول لا عن فرصة تائهة في دهاليز القرار العشوائي.











طباعة
  • المشاهدات: 6328
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-07-2025 12:16 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم