حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,6 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5496

نضال انور المجالي يكتب: صناع المحتوى": من همّ الوطن إلى همّ "التريند

نضال انور المجالي يكتب: صناع المحتوى": من همّ الوطن إلى همّ "التريند

نضال انور المجالي يكتب: صناع المحتوى": من همّ الوطن إلى همّ "التريند

05-07-2025 08:43 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نضال أنور المجالي
دليلك الشامل لـ "محتوى" لا يقدم لك سوى "الضحك" (أو البكاء على ضياع الذوق العام)
يا سادة يا كرام، يا من أنعم الله عليهم بنعمة "الكونتنت كرييشن" أو "صناعة المحتوى" كما يحلو لهم تسمية أنفسهم، اسمحوا لي أن أرفع قبعتي لكم احتراماً... وربما قليلاً من الذهول ممزوجاً بالغثيان! ففي زمن بات فيه الضغط على زر "نشر" أسهل من غسل الأطباق بعد عزومة كبيرة، ظهر لنا جيل جديد من "العباقرة" الذين قرروا أن شاشاتنا لم تعد تكتفي بالأخبار والمسلسلات التركية الطويلة، بل تحتاج لجرعة يومية مكثفة من... حسناً، دعونا نسميها "محتوى"!
دعوني أسأل سؤالاً بريئاً، سؤالاً يتردد في أذهان الكثيرين ممن ما زالت ذاكرتهم تحتفظ بلمحة عن مفهوم "المحتوى الهادف" قبل أن يتحول إلى "محتوى هاذف" يهدف إلى ضرب معايير الذوق العام: هل ما تقدمونه، يا أيها الرواد، قد خدم المواطن يوماً؟ هل مسّ همومه؟ هل قدم حلولاً لمشاكله اليومية التي تتراكم كفواتير الكهرباء في عز الصيف؟ أم أن كل ما رأيناه هو رقصات بهلوانية لا يفهمها حتى الراقص نفسه، تحديات "مين يشرب لتر بيبسي أسرع"، ومسرحيات مملة هدفها الوحيد هو جمع أكبر عدد من "اللايكات" التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تسبب عسر هضم للمشاهد؟
كان أملنا أن نرى منكم من يسلط الضوء على كنوز هذا البلد السياحية. ألم يكن من الأجدر بكم، وأنتم تحملون هذه "القوة الناعمة" بين أيديكم (وبين أصابعكم التي لا تتوقف عن لمس الشاشة)، أن تصوروا لنا جمال البتراء في شروق الشمس، أو روعة وادي رم تحت النجوم، أو حتى سحر جرش في الربيع حيث لا يزال عبق التاريخ يفوح؟ بدلاً من ذلك، نرى فيديوهات لشاب يتناول المنسف بملعقة بلاستيكية ويصف "التجربة" بأنها "خيالية"، وفتاة تصرخ في وجه الكاميرا بلا سبب سوى أنها تريد لفت الانتباه، وآخر يقوم بتحدي "كسر البيض على رأس صديقه" ليحصل على "شير" هنا أو "كومنت" هناك. يا لها من إنجازات عظيمة تستحق أن تُدرّس في مناهج "السخافة المعاصرة"!
هل هذا هو المحتوى الذي كنا ننتظره؟ هل هذا هو الإرث الذي سيخلفه "صناع المحتوى" للأجيال القادمة؟ لا أظن أن أحفادنا سيتفاخرون بأن جدهم كان مشهوراً لأنه رقص على أنغام أغنية شعبية بطريقة لا علاقة لها بالفن، أو لأنه "فلوجر" قام بتصوير كل تفاصيل حياته اليومية المملة التي لا تختلف عن حياة أي مواطن آخر، بل ربما أقل إثارة!
ولكن، لحظة صمت وتقدير!
دعوني هنا أتوجه بتحية خاصة، تحية ملؤها الاحترام والتقدير، إلى القلة القليلة من "صناع المحتوى" الحقيقيين، الذين لم تلوثهم بهرجة الشهرة الزائفة. هؤلاء الذين اختاروا أن يقدموا شيئاً مفيداً لوطنهم ومواطنيهم. شكراً لكل من:
* سلط الضوء على مشكلة حقيقية وعمل على إيجاد حل لها أو رفع الوعي بها.
* قدم معلومات قيمة عن تاريخنا، ثقافتنا، أو جمال بلدنا، وكأنهم دليل سياحي متنقل بلا مقابل.
* عرض مواهب حقيقية ترتقي بالذوق العام، وتغني روح المواطن، بدلاً من إفقارها.
* ومن قدم محتوى توعوي أو تثقيفي ساعد الناس على فهم حقوقهم وواجباتهم.
لهؤلاء القلائل، نرفع القبعة، ونشكرهم لأنهم ما زالوا يذكروننا بأن "المحتوى" يمكن أن يكون أكثر من مجرد مسخرة، ويمكن أن يكون شمعة صغيرة تضيء في بحر الظلام الرقمي. أما البقية... فليواصلوا رقصهم!
يا سادة "المحتوى"، أنتم تملكون منبراً قد يكون له تأثير كبير. لكن يبدو أن هذا التأثير تحول في غالبه إلى "مسخرة" عامة. مسخرة على عقولنا، وعلى أوقاتنا، وعلى الفكرة النبيلة التي كان من المفترض أن يقوم عليها "صناعة المحتوى". فهل من بارقة أمل أن نرى يوماً محتوى يرتقي بنا، لا يضحك علينا؟ نأمل ذلك، قبل أن نصاب جميعاً بـ"تخمة المحتوى الفارغ" التي لا تترك سوى طعم المرارة وأسئلة وجودية عن مستقبل البشرية!
حفظ الله الاردن والهاشمين
نضال انور المجالي











طباعة
  • المشاهدات: 5496
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-07-2025 08:43 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم