30-06-2025 11:32 AM
بقلم : باسم البقور
ليس للاستعراض والاجترار بل من أجل أخذ العبرة والبناء عليها ،كنا قد أشرنا في مقال سابق نشرفي اليوم الثالث من الحرب بين اسرائيل وايران بعنوان "ايران واسرائيل .. الأكذوبة تتفتق "،تجردنا فيه من العواطف وسطّحنا مشاريع الطرفين التوسعية العرقية والمذهبية، فالاسرائيلي مهووس باسرائيل الكبرى والايراني بالهلال الشيعي،بمفهومه السياسي التوسعي، الذي مزق الأقليم اربا اربا، وختمناه بأن ايران على أبواب اعادة انتاجها بشكل مصغر، وهذا ما نتج عن تلك المسرحية بل أعمق من ذلك، فأسرائيل حققت مرادها بقتل القيادات من الصف الأول العسكرية والأستخبارية والثورية واللوجستية والعلماء النوويين وسلاح الجو بمطاراته وطائراته ثم تدمير المنشآت النووية، والأهم ايضا ضرب مفهوم قوة الدولة لدى الأيرانيين حتى لو أظهرت ايران غير ذلك عبر اعلامها ومظاهراتها،ولقادم الأيام بصائر.
وعلى الرغم من تلك النتائج الجلية، الا ان منظومات خارجية وادوات داخلية تصور وتصّرعلى أن ايران هي صاحبة الانتصار كما صورت لنا انتصار حركة حماس منذ قرابة العامين رغم كل الأثمان التي دفعها أهل غزة حتى الآن من آلاف الارواح التي أزهقت ودمار البنية التحتية والمجاعة دون تحرير شبر واحد،لا بل تمدد العدو الى الأقليم كله ،ونفذت اسرائيل الصهيونية كل ما ارادت وحولتّهم الى مجرد أدوات في مشروعها التوسعي، بعدما تعهدت منذ بدايات السابع من أكتوبر بتغيير شكل الشرق الأوسط ،وهذا للأسف ما نشهده اليوم.
و لا بد من الاعتراف بأن مواجهة الحقائق على الأرض تصعب على المواطن العربي ، فما بالك اذا كنا كشعوب متخمة بالأساطير التاريخية و الدينية سواء الجماعية أم الفردية عن الأنتصارات الملهمة والخارقة،مع تقصدية توظيفها وتوطينها في عقولنا بزخم سياسي واعلامي مخطط ومدروس من الخارج والداخل لهدف واحد مركزيته رفض الحاضر واستحضار التاريخ والتوقف عنده لكي لا نقدم على خطوة واحدة منطقية تبعث فينا القوة الحقيقية لمواجهة الواقع.
فنحن لا نريد ممارسة التوقف الاجباري العقلاني والتعامل مع فقه الواقع،والسبب تلازمية الأحداث بين الأرض المحتلة والعدو المحتل،فما دام "آية الله" في الأرض يتزبد بكلامه وبصواريخه ويرانا نتضرع الى الله لنصرته ،فهو على قناعة بأننا سننعم عليه بتناسي تاريخه الدموي الفارسي قبل تلابسه الشيعي السياسي كغطاء يسهل نفاذه في ديمغرافيا المنطقة قبل مئات السنين، وما يرتكبه وارتكبه في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وعندما ساند بعصاباته بشارالأسد بدفش من الدب الروسي واراقوا دماء الالاف مخلفين وراءهم الأرامل واليتامى والجوعى .أي دولة هذه التي ستحررلنا فلسطين ؟ فلنستفيق من وهم الفرس واتباعهم في المنطقة ومن منظريهم وادواتهم الأعلامية،الذين يريدوننا متشبثين بعمامة "المهدي المنتظر" وميثلوجيا صاحب الزمان ووكلائه المختبئين في سراديب الموت من ميلشياتهم الدموية .
وبين كل هذا وذاك ،يجب القول الفصل بأن الحرب بين اسرائيل وايران كانت حرب نفوذ بعنوان جيوسياسي على التوسعية الجغرافية،فقط لاحظنا كيف غلف الصراع بغطاء ديني تخاطب فيه الطرفان اعلاميا باللغة العربية على الرغم بأن كلا الطرفين لا يتخليان عن كبريائهم بالتخاطب بلغتهم الأم بكل المحافل والمناسبات الدولية سواءالفارسية أو العبرية ، وبالعودة لتبسيط المعادلة ،فاسرائيل كلنا يدرك اطماعها في المنطقة وهي العدو الأوضح ، أما ايران فهي متخفية بحججها القائمة على قاعدة " تصدير الثورة "والقيام بواجبات التوكيل الألهي المحصور بها دونا عن الشعوب لتحرير فلسطين ،وهي التي لم تطلق صواريخها على اسرائيل الا بمناسبات مستها هي ومست سيادتها كالأعتداء الأسرائيلي على سفارتها في دمشق وقتل قاسم سليماني وأسماعيل هنية داخل معسكراتها وتدمير منشآتها النووية ، فيما غزة تأن وجعا منذ قرابة العامين من الوحشية الأسرائيلية و لم نر ومضة ايرانية في السماء.
وهذا يقودنا كأردنيين الى ما تتعرض له الدولة من سردية سياسية واعلامية محكمة ومستهدفة للذهنية الأردنية ،عبرالاعلام الموجه والمنابر المأجورة والسوشال ميديا التي غزاها الذباب الألكتروني ،للتشكيك و التخوين بمسارات الأداء الأردني خارجيا وداخليا وبالثوابت الوطنية تجاه القضية الفلسطينية وتطوراتها والمحافظة على الاستقرار الداخلي والسلم المجتمعي.و للحفاظ على كل ذلك ولمواصلة دعم اخواننا في فلسطين لا بد لنا من اليقظة من ما يحاك من عدائية صهيونية أثارها الموقف الأردني المتقدم والمتمسك بحقوق الفلسطينيين على أرضهم ولصلابة موقف جلالة الملك، ولنا دلالة على قوة الموقف الأردني ما ورد في كلمة جلالته أمام البرلمان الأوروبي ذات المضامين الأنسانية التي تفوقت على اللغة السياسية حينما شدد على البعدين الأخلاقي والقيمي واعادة الألتزام بالسلام والتنمية.
ونقول هنا، لنطمئن أنفسنا ونغيظ المستهدفين بأن الأردني منذ تأسيس الدولة ومروره بظروف صعبة جيوسياسية و ديمغرافية ،أثبت قدرته على صياغة وطنية ذات تراكيب انسانية وفكرية وسياسية ،صاغها بالذكاء المتقد والسلوك المنضبط وبالأردنة المفعمة بالقيم الأيجابية والمفهومية الوطنية ،وتجاوزها من اللاستقرار واللأمن الى القوة والأستقلالية والبنائية الحضارية والدولنة الدستورية ،وأما الحكم الهاشمي ذو الشرعية الدينية والشرعية الأخلاقية التي حازها طوال أكثرمن مائة عام من العمل الوطني والعروبي والثقل الدولي الوازن كان ولا يزال النبراس الأنساني السياسي الأبوي الضامن للدولة بانسانها وتاريخها وترابها وجغرافيتها وتقدميتها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-06-2025 11:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |