حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6885

الرواشدة تكتب : التوجيهي بين صعوبة الامتحان وسطحية الإعداد: خلل في التدرّج التعليمي

الرواشدة تكتب : التوجيهي بين صعوبة الامتحان وسطحية الإعداد: خلل في التدرّج التعليمي

الرواشدة تكتب : التوجيهي بين صعوبة الامتحان وسطحية الإعداد: خلل في التدرّج التعليمي

27-06-2025 01:44 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ميساء نصر الرواشدة
تتجدد في كل عام معاناة الطلبة مع امتحانات الثانوية العامة، وتحديدًا مع صعوبة الأسئلة التي تُطرح في بعض المواد، والتي كثيرًا ما تُفاجئ الطلبة وأهاليهم، بل وحتى بعض المعلمين. السؤال الجوهري هنا: لماذا تكون امتحانات التوجيهي بتلك الدرجة من التعقيد، بينما نشأ الطالب طيلة اثنتي عشرة سنة على نمط تعليمي بسيط وسهل قائم على الحفظ والتلقين؟

يمثّل امتحان "التوجيهي" محطة مفصلية في حياة الطالب، إلا أن واقع هذا الامتحان يكشف عن فجوة واسعة بين طبيعة الأسئلة التي تُطرح فيه، والأسلوب التعليمي الذي يرافق الطالب طيلة سنواته الدراسية. فكيف يُعقل أن يُربّى الطالب منذ المرحلة الابتدائية على نمط من التعليم السطحي، القائم على التكرار والحفظ، ثم يُفاجأ في نهاية المطاف بنمط امتحان يطلب منه التحليل والتفكير العميق، وكأنه لم يكن جزءًا من هذا النظام منذ البداية؟

الطالب في الأردن، كما في كثير من الأنظمة التعليمية العربية، يتلقى تعليمه في المراحل الثلاث الأولى (الابتدائية، الإعدادية، والثانوية) بأسلوبٍ تقليدي، يعتمد في مجمله على الأسئلة المباشرة والاختبارات السهلة، التي تقيس الحفظ أكثر مما تقيس الفهم أو التفكير النقدي. ثم يجد نفسه، في امتحان التوجيهي، أمام نمط مختلف تمامًا من الأسئلة؛ معقدة، دقيقة، وتتطلب مهارات لم يُتح له وقت كافٍ لاكتسابها أو التدريب عليها.

هذا الخلل في التدرّج التعليمي لا يؤثر فقط على فرص النجاح، بل يهدم الثقة بالنفس، ويشوّه صورة التعليم في نظر الطلبة وأولياء الأمور. والأسوأ من ذلك، أن يشعر الطالب بأن هذا الامتحان قد صُمم لتعجيزه، أو لتقليص عدد المقبولين في الجامعات، بدل أن يكون مقياسًا عادلًا لما تعلّمه فعلًا.

إذا كنا نؤمن فعلًا بأهمية تنمية التفكير النقدي والقدرة على التحليل وحل المشكلات، فعلينا أن نبدأ من الصفوف الأولى بتعزيز هذه المهارات، لا أن نُفاجئ الطالب بها في عامه الأخير. أما أن يستمر التعليم على نمطٍ سطحيٍّ لسنوات، ثم يأتي امتحان نهائي يُحاسب الطالب على مهارات لم تُبْنَ لديه، فهو ظلم تربوي لا يمكن تبريره.

العدالة التعليمية تقتضي أحد أمرين: إما تطوير المناهج وأساليب التعليم تدريجيًا لتُهيّئ الطالب لما هو منتظر في التوجيهي، أو إعادة النظر في طبيعة امتحان الثانوية العامة ليكون منسجمًا مع البيئة التعليمية الفعلية التي مرّ بها الطالب.

في النهاية، إصلاح التعليم لا يبدأ من التوجيهي، بل من الصف الأول. فبناء عقل ناقد ومتعلم مستقلّ لا يكون بين ليلة وضحاها، بل عبر سنوات من التأسيس الواعي والتدريب المتدرج. والامتحان العادل ليس هو الذي يختبر الطالب في ما لم يتعلمه، بل هو الذي يمنحه الفرصة ليُظهر ما بُني لديه بالفعل.

د. ميساء نصر الرواشدة
استاذ مشارك قسم علم الاجتماع الجامعة الاردنية








طباعة
  • المشاهدات: 6885
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-06-2025 01:44 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم