15-06-2025 09:12 AM
بقلم : صهيب زهير الخزاعله
عندما يتحول الاعتراض إلى تهديد: نظرة نقدية على التصدي الأردني للصواريخ الإيرانية
في ظل التصعيد الإقليمي الأخير بين إيران وإسرائيل، وجدت المملكة الأردنية الهاشمية نفسها في موقف معقد، حين قامت باعتراض بعض الصواريخ الإيرانية التي كانت متجهة نحو أهداف داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورغم أن هذا التدخل قد يُبرر من منطلق الحفاظ على “السيادة الجوية” أو منع اختراق الأجواء الأردنية، إلا أن تبعاته تثير جملة من الأسئلة والانتقادات المشروعة، من الناحية الأمنية والسياسية وحتى الأخلاقية.
أولاً: الخطر على حياة المواطنين الأردنيين
قيام الأردن باعتراض الصواريخ في الأجواء الأردنية، خاصة باستخدام وسائل دفاع جوي في مناطق قريبة من التجمعات السكنية، يخلق احتمالاً حقيقياً لسقوط شظايا أو أجزاء من تلك الصواريخ على الأراضي الأردنية. وهذا ما حدث بالفعل، حيث أفادت تقارير محلية ودولية بسقوط حطام في بعض المناطق، مما أدى إلى إثارة حالة من الهلع بين المواطنين، وإلحاق أضرار مادية محدودة. فهل من الحكمة أن تُعرّض أرواح الأردنيين للخطر، من أجل صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل؟
ثانياً: الزج بالأردن في صراع إقليمي
إيران لم تُخفِ استياءها من اعتراض بعض صواريخها من قبل دول “ليست طرفاً مباشراً” في الصراع، وقد أُدرج اسم الأردن ضمن التلميحات غير الودية الصادرة عن طهران بعد الهجوم. وهذا يضع الأردن على محك سياسي وأمني خطير، ويجعله هدفاً محتملاً للضغوط أو حتى الردود غير المتوقعة. فهل الأردن مستعد فعلاً لتحمل تبعات الدخول، ولو جزئياً، في مواجهة إقليمية بين قوى عظمى؟
ثالثاً: الحياد الأردني التاريخي… إلى أين؟
لطالما تميزت السياسة الأردنية بالاتزان والحياد البناء في الملفات الإقليمية، وهو ما أكسب المملكة احتراماً دولياً ومكانة دبلوماسية فريدة. لكن التدخل الأخير في مجريات الصراع الإيراني الإسرائيلي قد يُفهم كتحول في هذا النهج، أو على الأقل كهزّة في صورة الحياد التي طالما تمسكت بها عمان. أليس من الأجدر أن تواصل المملكة دورها كوسيط نزيه، لا كطرف في لعبة صواريخ عابرة للحدود؟
خاتمة
التصدي للصواريخ الإيرانية، وإن كان له مبرراته الفنية والأمنية، إلا أن نتائجه الواقعية قد تكون أشد وطأة على الداخل الأردني من الخطر المفترض الذي كانت تلك الصواريخ قد تشكله. إن حماية المواطنين لا تكون فقط من الصواريخ، بل من التورط في معارك الآخرين، ومن التهديدات غير المباشرة التي قد تقلب استقرار البلاد رأساً على عقب.
فالسيادة لا تكتمل فقط بحماية السماء، بل تبدأ من حكمة القرار، وبعد النظر في عواقبه
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-06-2025 09:12 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |