12-06-2025 01:09 PM
بقلم : نضال أنور المجالي
في زمن ليس ببعيد، وبين تراب الميدان العسكري وغبار التدريبات القاسية، تبرز صورة نادرة ومُلهمة للأمير الشاب، الذي سيصبح لاحقاً جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين. هي ليست مجرد صورة، بل هي قصة تُروى في طياتها معاني التواضع، القيادة بالقدوة، والانصهار مع أبناء الوطن.
تُظهر الصورة الأمير اليافع، بابتسامته المعهودة التي لم تفارق وجهه حتى اليوم، يحمل خيمة ثقيلة على كتفيه العريضين. لم يكن هذا المشهد جزءاً من عرض أو تدريب مصوّر، بل كان واقعاً يومياً في حياة جندي شاب بين رفاقه. في ذلك اليوم، كانت مهمة الجنود فك المخيم ونقل جميع المعدات لموقع جديد، تحت شمس قائظة وأرض وعرة.
في الوقت الذي قد يتوقع فيه البعض أن يقف الأمير مراقباً أو موجهاً، اختار طريقاً مختلفاً. رأى رفاقه يصارعون الأعباء، فتقدم بخطوات واثقة، ووضع قبعته العسكرية جانباً، ثم رفع إحدى الخيم الكبيرة ووضعها على كتفه.
"يا سمو الأمير، دعنا نحملها عنك!" هكذا بادره أحد الجنود بدهشة ومحبة. لكن الإجابة جاءت بسيطة ومفعمة بالمعنى: "نحن جميعاً جنود هنا، والعمل ينتظر."
سار الأمير الشاب، يتصبب العرق من جبينه، يحمل عبئه كما يحمله أي جندي آخر. لم يشتكِ، لم يطلب تفضيلاً، بل انخرط في العمل الجاد، يتحدث مع رفاقه، ويتبادل معهم الضحكات، وكأنه واحد منهم تماماً، لا تفصله عنهم رتبة أو نسب.
لقد كانت تلك اللحظة درساً عملياً في القيادة الحقيقية. أدرك الجنود حينها أنهم ليسوا أمام قائد يأمر من برج عاجي، بل أمام قائد يشاركهم العبء، ويتعرق معهم، ويعيش تجربتهم بكل تفاصيلها. لقد زادت هذه المواقف من محبة الجنود له واحترامهم العميق، ورسخت في أذهانهم صورة القائد المتواضع الذي يُعلي من شأن العمل الجماعي وقيمة الإنسان، بغض النظر عن منصبه.
هذه الصورة، وإن كانت لقطة من الماضي، إلا أنها تحمل رسالة خالدة عن شخصية قائد آمن دائماً بأن التواضع هو جوهر القوة، وأن القدوة الحسنة هي أبلغ أساليب القيادة. إنها شهادة حية على التزام الملك عبد الله الثاني بخدمة وطنه وشعبه بكل جوارحه، منذ نعومة أظافره في الميدان العسكري وحتى يومنا هذا على سدة الحكم.
حفظ الله الاردن والهاشمين
نضال انور المجالي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-06-2025 01:09 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |