04-06-2025 09:26 AM
بقلم : سارة طالب السهيل
يقف العالم يدا واحدة في الخامس من يونيو كل عام ليحتفي بـ «اليوم العالمي للبيئة»؛ ذلك اليوم الذي لم يعد مناسبة احتفالية فحسب، بل أصبح صرخة ضمير ونداء استغاثة أطلقته الأرض، واستجابت له الأمم، هذا اليوم ليس فقط فرصة للتأمل في حال كوكبنا، بل هو أيضًا لحظة إنسانية خالصة نراجع فيها علاقتنا مع الطبيعة، ونُقيّم مدى إسهامنا سواء إيجابًا أو سلبًا في حماية أو تدمير البيئة.
أهمية هذا اليوم لا تنبع فقط من كونه مناسبة بيئية دولية، بل لأنه يجسد قضايا جوهرية تتعلق بمستقبل البشرية. فالبيئة ليست محيطًا خارجيًا نحيا فيه، بل هي امتداد لحياتنا في الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والغذاء الذي نأكله، والمناخ الذي يحدد طريقة عيشنا. حماية البيئة تعني حماية الإنسان، وتدميرها يعني تهديدًا لوجوده.
تخصيص يوم عالمي للبيئة يعني الاعتراف بأن المشاكل البيئية لم تعد محلية أو مؤقتة، بل أصبحت تحديات عالمية تهدد حياة الجميع، من أدغال الأمازون إلى أحياء المدن المكتظة.
توجد عدة مبررات أساسية تجعل الاهتمام بالبيئة ضرورة حتمية.
- الاحتباس الحراري وتغير المناخ ظواهر مناخية مثل الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات باتت تهدد ملايين البشر سنويا.
- تدهور التنوع البيولوجي وذلك بانقراض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية يخل بنظام التوازن البيئي.
- تلوث الهواء والماء ملايين الأرواح تزهق سنويا بسبب امراض مرتبطة بالتلوث.
- الاستنزاف غير المستدام للموارد الطبيعية من الغابات الي المحيطات، تستنزف الثروات بصورة تفوق القدرة على التجدد.
هذه المبررات كافية لتجعل اليوم العالمي للبيئة ليس مجرد ذكرى، بل محطة للتفكير والعمل الجاد.
دور الأدب في اليوم العالمي للبيئة
الأدب يلعب دورًا جوهريًا في تشكيل الوعي الإنساني، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الكبرى مثل البيئة. وفي مجال البيئة دور الأدب يتجاوز الترف الثقافي ليصبح أداة مؤثرة في نشر الوعي، وإثارة المشاعر، ودفع الأفراد والمجتمعات نحو التغيير. ودور الأدب يتضح في:
1- نشر الوعي البيئي.
2- اثارة التعاطف الإنساني.
3- نقد السلوكيات المضرة بالبيئة.
4- رسم صور مستقبلية تحذيرية.
5- تشجيع الارتباط الروحي بالطبيعة.
أمثلة من الأدب البيئي
أعمال الطيب صالح في «موسم الهجرة إلى الشمال» تتضمن إشارات ضمنية عن العلاقة بين الإنسان والمكان والطبيعة.
الشعر العربي القديم مثل شعر المتنبي أو امرئ القيس مليء بوصف الصحراء، والأمطار، والجبال، مما يعكس علاقة وجدانية عميقة مع البيئة.
أعتقد انه يجب ألا ننسى أن الأدب ليس فقط وسيلة للتسلية، بل هو أداة مقاومة ووعي وتغيير. إن الرواية والمسرحية والقصيدة يمكن أن تكون مثل تقرير علمي، أو حتى أقوى، حين تلامس وجدان الإنسان وتوقظه من غفلته
حماية البيئة لم تعد خيارًا، بل أصبحت واجبًا أخلاقيًا. الأرض اليوم تمر بما يشبه «مرحلة الإنذار»، حيث وصلت بعض المؤشرات البيئية إلى حدود خطيرة. ومن الضروري أن يدرك الإنسان أن البيئة ليست موردًا للاستغلال فقط، بل كيان يجب العيش معه في تناغم واحترام. الأسباب التي تجعل حماية البيئة ضرورة ملحة هي:
1- حقوق الأجيال القادمة.
2- العدالة البيئية.
3- السلام العالمي والحفاظ عليه.
البيئة ليست شيئًا واحدًا، بل لها صور متعددة تبرز تنوعها وغناها:
البيئة الطبيعية: الغابات، الصحارى، الأنهار، الجبال، المحيطات.
البيئة الحضرية: المدن والمجتمعات العمرانية وما فيها من منشآت وبنى تحتية.
البيئة البيولوجية: وتشمل التنوع الحيوي من نباتات وحيوانات وكائنات دقيقة.
البيئة الاجتماعية: علاقات الإنسان بالمكان وبغيره من البشر.
كل هذه الصور مترابطة، وأي خلل في واحدة منها ينعكس سلبًا على الأخرى.
إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة، فإن عواقب تدهور البيئة ستكون وخيمة، ومن أخطرها: انقراض الحياة البرية، الزحف الصحراوي، ارتفاع مستويات البحار، أزمات المياه، انتشار الأوبئة.
ورأيي اليوم العالمي للبيئة ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو دعوة إنسانية صادقة لإعادة التفكير في علاقتنا مع هذا الكوكب الجميل. إن كل فرد – مهما كان بسيطًا – يمكنه أن يحدث فرقًا. ربما لا نستطيع تغيير العالم دفعة واحدة، لكننا نستطيع أن نبدأ بتغيير أنفسنا وسلوكنا تجاه البيئة. فلنجعل من هذا اليوم فرصة لوعد جديد، وعد بالاحترام، والحفاظ، والعمل الجماعي من أجل بيئة سليمة... من أجل الإنسان.
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-06-2025 09:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |