28-05-2025 10:59 AM
بقلم : المحامي علي وليد صالح
في ضوء بعض القرارات القضائية التي أثارت تساؤلات مهنية، يُعرض هذا الرأي القانوني الموجز لتسليط الضوء على ضوابط التوقيف الاحتياطي، وذلك في سياق التشريعات الوطنية، والمعايير الدستورية، والمواثيق الدولية المصادق عليها.
لا خلاف على أن التوقيف الاحتياطي يُعدّ إجراءً استثنائيًا، لا يُلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، كما أكدت ذلك نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، لا سيما المادة 114 مكررة، التي شدّدت على ضرورة مراعاة مبدأ التناسب، والنظر في البدائل المتاحة عند إصدار قرار التوقيف، تحقيقًا للغاية من الإجراء، لا تكريسًا له كعقوبة سابقة للحكم.
وقد أولى المشرّع الأردني أهمية خاصة للرقابة القضائية على قرارات التوقيف، إذ أجاز بموجب المادة 124 من القانون ذاته، استئناف قرار التوقيف أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية، كضمانة أساسية لإمكانية تدارك ما قد يشوب القرار الأولي من تشدد أو تجاوز.
ويُلاحظ أن الاجتهاد القضائي المستنير، في ضوء أحكام الدستور الأردني، والمواثيق الدولية المصادق عليها، يتجه بثبات نحو تغليب مبدأ الحرية الشخصية، وترجيح بدائل التوقيف متى كانت كافية لتحقيق أهداف العدالة، دون اللجوء إلى تقييد حرية الفرد، إلا عند الضرورة القصوى.
وقد استقر الاجتهاد القضائي على “إن التوقيف يجب أن يكون آخر إجراء يُلجأ إليه، متى توفرت بدائل تكفل حضور المتهم وضمان سير العدالة.”
ولا شك أن العدول عن التوقيف عند انتفاء مبرراته، أو استبداله بما هو أنسب، يُعدّ إعمالًا لروح القانون، لا تراجعًا عن هيبته، بل تأكيدًا على أن القاضي لا يتردد في مراجعة قراره إذا تبيّن له وجه العدالة في غيره. فالقوة في القضاء تكمن في الرصانة، لا في الإصرار.
وإذا كان القانون قد رسم الطريق، فإن عدالة القضاء تتجلّى في حسن السير فيه، لا في الإصرار على مسلك غير منتج
المحامي علي وليد صالح
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-05-2025 10:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |